الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } * { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } * { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } * { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً }

القراءة: قرأ أهل المدينة وابن عامر والأعشى والبرجمي عن أبي بكر مَرْفِقاً بفتح الميم وكسر الفاء والباقون مِرْفَقاً بكسر الميم وفتح الفاء. الحجة: قال الزجاج وذكر قطرب وغيره اللغتين جميعاً في مرفق الأمر ومرفق اليد ومرفق اليد بالكسر أجود قال أبو الحسن مرفقاً أي شيئاً يرتفقون به مثل المقطع ونحوه ومرفقاً جعله اسماً مثل المسجد أو يكون لغة قال أبو علي قوله جعله اسماً أي جعل المرفق اسماً ولم يجعلوه اسم المكان ولا المصدر من رفق يرفق كما أن المسجد ليس باسم الموضع من سجد يسجد وقوله أو يكون لغة أو يجعله في اسم المصدر كما جاء المطلع ونحوه ولو كان على القياس لفتحت اللام. اللغة: الشطط الخروج عن الحد بالغلو فيه وأصله مجاوزة الحد في البعد وشطت الجارية تشط شططاً وشطاطة إذا جاوزت الحد في الطول وأشط في السوم إذا جاوز القدر بالغلو فيه والاعتزال التنحي عن الأمر والتعزل بمعناه قال:
يا بيــت عاتِكَــةَ الَّتــِي أتَعَزَّلُ   حَذَرَ الْعِدى وَبِهِ الْفُؤَادُ مُوَكَّلُ
وسمي عمرو بن عبيد وأصحابه معتزلة لما اعتزلوا حلقة الحسن. الإعراب: كسر إنهم فتية على الاستئناف. إذ قاموا يتعلق بربطنا أي في الوقت الذي قاموا فيه وشططاً منصوب على المصدر. المعنى لقد قلنا قولاً شططاً وما يعبدون في موضع نصب عطفاً على الهاء والميم في اعتزلتموهم والمراد الأصنام التي يعبدونها من دون الله ويجوز أن تكون ما مصدرية أي وعبادتهم إلا عبادة الله فحذف المضاف والاستثناء على هذا من الهاء والميم وإن جعلت ما موصولة كان الاستثناء من مفعول يعبدون استثناء منقطعاً. المعنى: ثم بيَّن سبحانه قصة أصحاب الكهف فقال: { نحن نقص عليك } أي نتلو عليك يا محمد { نبأهم } أي خبرهم { بالحق } أي بالصدق والصحة { إنهم فتية } أي أحداث وشباب { آمنوا بربهم وزدناهم هدى } أي بصيرة في الدين ورغبة في الثبات عليه بالألطاف المقوّية لدواعيهم إلى الإيمان وحكم لهم سبحانه بالفتوة لأن رأس الفتوة الإيمان. وقيل: الفتوة بذل الندى وترك الأذى وترك الشكوى عن مجاهد. وقيل: هي اجتناب المحارم واستعمال المكارم. { وربطنا على قلوبهم } أي شددنا عليها بالألطاف والخواطر المقويّة للإيمان حتى وطَّنوا أنفسهم على إظهار الحق والثبات على الدين والصبر على المشاق ومفارقة الوطن { إذ قاموا } أي حين قاموا بين يدي ملكهم الجبار دقيانوس الذي كان يفتن أهل الإيمان عن دينهم { فقالوا } بين يديه { ربنا رب السماوات والأرض } أي ربنا الذي نعبده خالق السماوات والأرض { لن ندعوا من دونه إلهاً } أي لن نعبد إلهاً سواه معه { لقد قلنا إذا شططاً } معناه إن دعونا مع الله إلهاً آخر فلقد قلنا إذاً قولاً مجاوزاً للحق غاية في البطلان.

السابقالتالي
2