الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } * { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } * { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } * { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً }

اللغة: الكهف المغارة في الجبل إلا أنه واسع فإذا صغر فهو غار والرقيم أصله من الرقم وهو الكتابة يقال رقمت الكتاب أرقمه فهو فعيل بمعنى مفعول كالجريح والقتيل ومنه الرقم في الثوب لأنه خط يعرف به ثمنه والأرقم الحية المنقشة لما فيه من الخطوط وتقول العرب عليك بالرقمة ودع الضفة أي عليك برقمة الوادي حيث الماء ودع الجانب والأوي الرجوع والفتية جمع فتى وفعلة من أسماء الجمع وليس بناء يقاس عليه يقال صبي وصبية وغلام وغلمة ولا يقال غني وغنية لأنه غير مطرد في بابه والضرب معروف ومعنى ضربنا على آذانهم سلَّطنا عليهم النوم وهو من الكلام البالغ في الفصاحة يقال ضربه الله بالفالج إذا ابتلاه الله به قال قطرب هو كقول العرب ضرب الأمير على يد فلان إذا منعه من التصرف قال الأسود بن يعفر وكان ضريراً:
وَمِـنَ الْحَوادِثِ لا أََبــا لَكَ أَنَّني   ضَرَبَتْ عَلَيَّ الأْرْضُ بِالأَسْدادِ
والحزب الجماعة والأمد الغاية قال النابغة:
إلاّ لِمِـــثْلِكَ أَوْ مـَـنْ أَنـْـتَ سابِقُهُ   سَبْقَ الْجَوادِ إذَا اسْتَوْلى عَلَى الأَمَدِ
الإعراب: سنين نصب على الظرف وعدداً منصوب على ضربين أحدهما: على المصدر المعنى تعدُّ عدداً ويجوز أن يكون نعتاً لسنين. المعنى ذات عدد. قال الزجاج: والفائدة في قولك عدد في الأشياء المعدودات أنك تريد توكيد كثرة الشيء لأنه إذا قل فهم مقداره ومقدار عدده فلم يحتج إلى أن يعد فالعدد في قولك أقمت أياماً عدداً انك تريد بها الكثرة وجائز أن يؤكد بعدد معنى الجماعة في أنها قد خرجت من معنى الواحد. قال وأمداً منصوب على نوعين أحدهما: التمييز والآخر: على أحصى أمداً فيكون العامل فيه أحصى كأنه قال لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء ويكون منصوباً بلبثوا ويكون أحصى متعلقاً بلما فيكون المعنى أيّ الحزبين أحصى للبثهم في الأمد. قال أبو علي: إن انتصابه على التمييز عندي غير مستقيم وذلك لأنه لا يخلو من أن يحمل أحصى على أن يكون فعلاً ماضياً أو أفعل نحو أحسن وأعلم فلا يجوز أن يكون أحصى بمعنى أفعل من كذا وغير مثال للماضي من وجهين أحدهما: أنه يقال أحصى يحصي وفي التنزيلأحصاه الله ونسوه } [المجادلة: 6] وأفعل يفعل لا يقال فيه هو أفعل من كذا وأما قولهم ما أولاه بالخير وما أعطاه الدرهم فمن الشاذ النادر الذي حكمه أن يحفظ ولا يقاس عليه والآخر: أن ما ينتصب على التمييز في نحو قولهم هو أكثر مالاً وأعز علماً يكون في المعنى فاعلاً ألا ترى أن المال هو الذي كثر والعلم هو الذي عز وليس ما في الآية كذلك ألا ترى أن الأمد ليس هو الذي أحصى فهو خارج عن حد هذه الأسماء وإذا كان ماضياً كان المعنى لنعلم أيّ الحزبين أحصى أمداً للبثهم فيكون الأمد على هذا منتصباً بأنه مفعول به والعامل فيه أحصى.

السابقالتالي
2 3