الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } * { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم أن ينفد بالياء والباقون تنفد بالتاء وفي الشواذ قراءة ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وسليمان التيمي ولو جئنا بمثله مداداً. الحجة: قال أبو علي تنفد بالتاء أحسن لأن المسند إليه للفعل مؤنث والمذكر حسن أيضاً لأن التأنيث ليس بحقيقي ومن قرأ مدداً فهو منصوب على الحال كما يُقال جئتك بزيد عوناً لك ومدداً لك ويجوز أن ينتصب على المصدر بفعل مضمر يدل عليه قوله: { ولو جئنا بمثله } فكأنه قال أمددنا به أمداداً ثم وضع مدداً موضع إمداداً وقال الزجاج: هو منصوب على التمييز ومن قال جئنا بمثله مداداً فإنه ينتصب على التمييز والمعنى بمثله من المداد ويكون مثل قولك لي مثله عبداً أي من العبيد وعلى التمرة مثلها زبداً أي من الزبد. اللغة: الفردوس البستان الذي يجتمع فيه التمر والزهر وسائر ما يمتع ويلذ قال الزجاج: هو البستان الذي يجمع محاسن كل بستان قال وقال قوم إن الفردوس الأودية التي تنبت ضروباً من النبت وقالوا هو بالرومية منقول إلى لفظ العربية ولم نجده في أشعار العرب إلاَّ في بيت حسان:
فـَــإِنَّ ثـــَوَابَ اللهِ كـُلَّ مُوَحِّـدٍ   جنَانٌ مِنَ الْفَرْدَوْس فِيها يُخَلَّدُ
والحِوَل التحول يُقال قد حال من مكانه حِوَلاً كما قالوا في المصادر صَغُر صِغَراً وَعَظُم عِظَماً وعاد في حبها عِوَداً. وقيل: إن الحِوَل أيضاً الحيلة. وقيل: إن الحِوَل بمعنى التحويل يُقال حوَّلوا عنها تحويلاً وحِوَلاً عن الأزهري وابن الأعرابي والمداد التي يكتب به والمدد المصدر وهو مجيء شيء بعد شيء والكلمة الواحدة من الكلام وقد يُقال للقصيدة كلمة لأنها قطعة واحدة من الكلام ومما يسأل عنه فيقال إن الكلمات لأقل العدد فكيف جاء بها ههنا والجواب أن العرب تستغني بالجمع القليل عن الجمع الكثير وبالكثير عن القليل قال الله تعالى:وهم في الغرفات آمنون } [سبأ: 37] والغرف في الجنة أكثر من أن تحصى وقال هم درجات عند الله وقال حسّان:
لَنَا الْجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ في الضُّحَى   وَأَسْيَافُنَا يَقْطـُرْنَ مـِـنْ نَجْـدَةٍ دَمـا
وكان أبو علي الفارسي ينكر الحكاية التي تروى عن النابغة وأنه قال لحسان قللت جفناتكم وأسيافكم فقال لا يصح هذا عن النابغة. الإعراب: إن جعلت نزلاً لمعنى المنزل فهو خبر كان على ظاهره وإن جعلته بمعنى ما يُقام للنازل قدَّرت المضاف على معنى كانت لهم ثمار جنات الفردوس ونعيمهما نزلاً ويجوز أن يكون نزلاً جمع نازل فيكون نصباً على الحال من الضمير في لهم ومعنى كان أنه كان في علم الله تعالى قبل أن يخلقوا عن ابن الأنباري وقوله فليعمل يجوز كسر اللام وإسكانها والأصل الكسر إلاَّ أنه يثقل في اللفظ.

السابقالتالي
2 3