الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } * { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً } * { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً }

اللغة: الخبو سكون النار عن الإلتهاب يقال خبت النار تخبو قال عدي بن زيد:
وَسْطَهُ كَالْيَراعِ أَوْ سُرُجُ المِجْــ   دَلِ حِيــناً يَخْبُـو وَحيـنـاً يُنِــيرُ
وقال آخر:
وَكُنا كَالْحَريق أَصابَ غاباً   فَيَخْبـُو ساعَةً وَيُنِيرُ ساعا
والقتر التضييق والقتور فعول منه للمبالغة ويقال قتر وتَقَتَّرَ وأقتر وقَتَّرَ إذا قدر في النفقة. الإِعراب: كفى بالله المفعول محذوف وهو الكاف والباء زيادة وشهيداً تمييز والتقدير كفاك الله من جملة الشهداء من يهدي الله ومن يضلل كلاهما شرط ووحد الضمير المتصل بيهدي ويضلل على اللفظ ثم قال فلن تجد لهم أولياء ونحشرهم الخ فجمع الضمير في كل ذلك على المعنى وقوله { كلما خبت زدناهم سعيراً } الجملة في موضع الحال من جهنم لأن جهنم توضع موضع متلظ ومتسعر ولولا ذلك لم يجز مجيء الحال عنها ويجوز أن تكون الجملة لا محل لها من الإعراب ويكون في تقدير العاطفة والتقدير وكلما خبت فحذف الواو على وجوههم في موضع نصب على الحال وتقديره مجرورين على وجوههم وقوله { لو أنتم تملكون } أنتم مرفوع بفعل مضمر يفسِّره هذا الظاهر الذي هو قوله تملكون لأن لو يقع بها الشيء لوقوع غيره فلا يليها إلا الفعل وإذا وليها اسم عمل فيه فعل مضمر قال:
لَوْ غَيْرُكم عَلِقَ الزُّبَيْرُ بِحَبْلِهِ   أَدَّى الّجَوارَ إلى بَني العَوَّامِ
المعنى: ثم قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل } يا محمد لهؤلاء المشركين { كفى بالله شهيداً بيني وبينكم } إني رسول الله إليكم وقد مرَّ معناه في سورة الرعد { إنه كان بعباده خبيراً بصيراً } لا يخفى عليه من أحوالهم شيء والمراد به تأكيد الوعيد. { ومن يهد الله فهو المهتد } أي من يحكم الله بهداه فهو المهتدي بإخلاصه وطاعته على الحقيقة { ومن يضلل } أي ومن يحكم بضلاله { فلن تجد لهم أولياء من دونه } أي لن تجد لهم أنصاراً يقدرون على إزالة اسم الضلال عنهم وقد ذكرنا وجوه الهدى والضلال في سورة البقرة { ونحشرهم } أي نجمعهم { يوم القيامة على وجوههم } أي يسحبون على وجوههم إلى النار كما يفعل في الدنيا بمن يبالغ في إهانته وتعذيبه. وروى أنس بن مالك أن رجلاً قال يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال: " إن الذي أَمشاه على رجليه في الدنيا قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " أورده البخاري ومسلم في الصحيح. { عمياً وبكماً وصماً } قيل المعنى عمياً عما يسرّهم بكماً عن التكلم بما ينفعهم صماً عما يمتعهم عن ابن عباس أي كأنهم عدموا هذه الجوارح وقيل يحشرون على هذه الصفة عمياً كما عموا عن الحق في دار الدنيا بكماً جزاء على سكوتهم عن كلمة الإخلاص وصماً لتركهم سماع الحق وإصغائهم إلى الباطل قال مقاتل هذا حين يقال لهم

السابقالتالي
2