الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } * { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } * { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } * { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } * { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } * { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة ويعقوب حتى تفجر لنا بفتح التاء وضم الجيم والباقون تُفجّر بضم التاء وتشديد الجيم وقرأ أبو جعفر وابن عامر كِسَفا بفتح السين ها هنا وفي القرآن كِسْفا ساكنة السين وقرأ حفص بالفتح في جميع القرآن إلا في الطور وقرأ أهل العراق وابن كثير بالسكون في جميع القرآن إلا في الروم يقرأ في الروم بسكون السين إلا أبو جعفر وابن عامر وابن كثير وابن عامر قال سبحانه ربي والباقون قل على الأمر. الحجة: من قرأ تُفجِّر بالتشديد فلأنهم أرادوا كثرة الانفجار من الينبوع وهو وإن كان واحداً فلتكثير الانفجار منه حسن أن يقال بتكرير العين كما يقال ضرّب زيد إذا كثر منه فعل الضرب ومن قرأ تَفْجُر فلأن الينبوع واحد فلا يكون كقوله فتُفجِّر الأنهار خلالها تفجيراً لأن فجرت الأنهار مثل غلقت الأبواب فلذلك اتفق الجميع على التثقيل فيه والكِسَف القِطَع واحدتها كِسْفة ومن سكنه جاز أن يريد الجمع مثل سِدْرَة وسِدْر. قال أبو زيد: كسفت الثوب أكسِفه كَسْفاً إذا قطعته قال أبو علي: إذا كان المصدر الكَسْف فالكِسَفْ الشيء المقطوع كالطَحْن والطِحَن والسَقْي والسِقي ونحو ذلك فجاز أن يكون قوله أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً بمعنى ذات كسف وذلك إن أسقط لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد فوجب أن ينتصب كسفاً على الحال والحال ذو الحال في المعنى وإذا كان كذلك وجب أن يكون الكسف هو السماء فيصير المعنى أو تسقط السماء علينا مقطعة أو قطعاً ومن قرأ قال سبحان ربي فالوجه فيه أن الرسول قال عند اقتراحهم هذه الأشياء " سبحان ربي " ومن قرأ قل فهو على الأمر له بأن يقول ذلك. اللغة: التفجير التشقيق عما يجري من ماء أو ضياء ومنه سمي الفجر لأنه ينشق عن عمود ومنه الفجور لأنه خروج إلى الفساد يشقق به عمود الحق والينبوع يفعول من نبع الماء ينبع فهو نابع إذا فار والقبيل الكفيل من قبلت به أقبل قبالة أي كفلت وتقبل فلان بالشيء إذا تكفل به قال الزجاج وجائز أن يكون المعنى تأتي بهم حتى نراهم مقابلة أي معاينة وأنشد غيره:
نُصــالِحُكُمْ حَتَّى تَبُوؤُا بِمِثْلِها   كَصَرْخَةِ حُبْلى أَسْلَمَتْها قَبيِلُها
أي قابلتها التي هي مقابلتها والعرب تجريه في هذا المعنى مجرى المصدر فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وأصل الزخرف من الزخرفة وهي الزينة وزخرفت الشيء إذا أكملت زينته ولا شيء في تحسين بيت وتزيينه وزخرفته كالذهب ويقال في الصعود رقيت أرقى رُقِياً وفيما تداويه بالرقية رقيت أرقى رَقية ورقياً. النزول: قال ابن عباس إن جماعة من قريش وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيه ومنبه ابنا الحجاج والنضر بن الحارث وأبو البختري بن هشام اجتمعوا عند الكعبة وقال بعضهم ابعثوا إلى محمد فكلِّموه وخاصموه فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك فبادر صلى الله عليه وسلم إليهم ظناً منه أنهم بدا لهم في أمره وكان حريصاً على رشدهم فجلس إليهم فقالوا يا محمد إنا دعوناك لنعذر إليك فلا نعلم أحداً أدخل على قومه ما أدخلت على قومك شتمت الآلهة وعبت الدين وسفهت الأحلام وفرَّقت الجماعة فإن كنت جئت بهذا لتطلب مالاً أعطيناك وإن كنت تطلب الشرف سوَّدناك علينا وإن كانت علة غلبت عليك طلبنا لك الأطباء فقال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4