الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }

اللغة: الوسيلة القربة والواسل الراغب قال لبيد:
بلى كل ذي دين إلى الله واسلُ   
قال الزجاج الوسيلة والسؤال والطلبة في معنى واحد. الإعراب: يقولوا جواب شرط محذوف تقديره قل لعبادي قولوا التي هي أحسن يقولوا وكان أبو عثمان يزعم أنَّ يقولوا واقع موقع قولوا وهو مبني لأنه وقع موقع قولوا ووقوع الفعل موقع الفعل المبني لا يوجب له البناء ألا ترى أن قوله: { تؤمنون بالله ورسوله } واقع موقع آمنوا وهو معرب وإنما ذلك في الأسماء نحو يا زيد بني وقوعه موقع يا أنت " أولئك " رفع بالابتداء والذين يدعون صفة لهم ويبتغون خبر الابتداء وقولـه: { أيهم أقرب } قال الزجاج إن شئت كان أيهم رفعاً بالابتداء والخبر وقوله أقرب ويكون معناه ينظرون أيهم أقرب إليه فيتوسلون به والجملة متعلقة بينظرون المضمرة ويجوز أن يكون أيهم أقرب بدلاً من الواو في يبتغون. النزول: كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقولون يا رسول الله ائذن لنا في قتالهم فيقول لهم " إني لم أؤمر فيهم بشيء " فأنزل الله سبحانه { قل لعبادي } الآية عن الكلبي. المعنى: ثم أمر سبحانه عباده اتباع الأحسن من الأقوال والأفعال فقال { وقل } يا محمد { لعبادي } وهذا إضافة تخصيص وتشريف أراد به المؤمن وقيل هو عام في جميع المكلفين { يقولوا التي هي أحسن } أي يختاروا من المقالات والمذاهب المقالة التي هي أحسن المقالات والمذاهب وقيل معناه مرهم يقولوا الكلمة التي هي أحسن الكلمات وهي كلمة الشهادتين وكل ما ندب الله إليه من الأقوال وقيل معناه يأمروا بما أمر الله به وينهوا عما نهى الله عنه عن الحسن وقيل معناه قل لهم يقل بعضهم لبعض أحسن ما يقال مثل رحمك الله ويغفر الله لك وقيل معناه قل لعبادي إذا سمعوا قولك الحق وقول المشركين يقولوا ما هو أولى ويتبعوا ما هو أحسن عن أبي مسلم وقال نظيره فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. { إن الشيطان ينزغ بينهم } أي يفسد بينهم ويغري بعضهم ببعض ويلقي بينهم العداوة { إن الشيطان كان } في جميع الأوقات { للإنسان } أي لآدم وذريته { عدواً مبيناً } مظهراً للعداوة. ثم خاطب سبحانه الفريقين فقال { ربكم أعلم بكم } معناه أنه أعلم بأحوالكم فيدبّر أموركم على ما يعلم من المصلحة لكم { إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم } قيل أراد أنه سبحانه مالك للرحمة والعذاب فيكون الرجاء إليه والخوف منه عن الجبائي وقيل معناه إن يشأ يرحمكم بالتوبة أو إن يشأ يعذبكم بالإصرار على المعصية عن الحسن وقيل معناه إن يشأ يرحمكم بإخراجكم من مكة وتخليصكم من إيذاء المشركين أو إن يشأ يعذبكم بتسليطهم عليكم وقيل إن يشأ يعذبكم بعدله وهو الأظهر.

السابقالتالي
2