الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } * { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } * { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

القراءة: قرأ أبو جعفر وابن عامر برواية ابن ذكوان كان خطأ بفتح الخاء والطاء من غير ألف بعدها وقرأ ابن كثير خطاءً بكسر الخاء وممدوداً والباقون خِطاً بكسر الخاء من غير مد وفي الشواذ قراءة الزهري وأبي رجاء خطاً بكسر الخاء غير ممدود وقراءة الحسن خطاءً بالمد وفي رواية أخرى عنه خطاً بفتح الخاء والطاء خفيفة وقرأ أهل الكوفة غير عاصم فلا تسرف بالتاء والباقون بالياء وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر القسطاس بكسر القاف والباقون بضمها. الحجة: الخطأ ما لم يتعمد وكان المأثم فيه موضوعاً عن صاحبه قال أبو علي قالوا أخطأ في معنى خطىء كما أن خطىء في معنى أخطأ في مثل قوله:
عِبادُكَ يَخْطَأُونَ وَأنْتَ رَبٌّ   كـَـرِيمٌ لا يَلِيــقُ بـِـكَ الذُّمُومُ
فمجرى الكلام أنهم خاطئون وفي التنزيللا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } [البقرة: 286] والمؤاخذة عن المخطىء موضوع فهذا يدل على أن أخطأنا في معنى خطئنا وكما جاء أخطأ في معنى خطىء كذلك جاء خطىء في معنى الخطأ في قولـه:
يـا لَهْــفَ هِنْــدٍ إذْ خَطَئْــنَ كاهِــلا   
وفي قول الآخر:
وَالنَّاسُ يَلْحـونَ الأمِيــرَ إذا هـُـمُ   خَطَئُوا الصَّوابَ وَلا يُلامُ المُرْشِدُ
فكذلك قراءة ابن عامر خطأ في معنى أخطأ كما جاء خطىء بمعنى أخطأ ويجوز أن يكون الخَطأ بمعنى الخطء أيضاً كالمِثْل والمَثَل والشِبْه والشَبَه والبِدْل والبَدَل وأما قراءة ابن كثير خطاءً فإنه يجوز أيضاً أن يكون مصدر خاطأ وإن لم يسمع خاطأ ولكن جاء ما يدل عليه وهو قوله:
تَخاطَــأَت النَّبْــلُ أحْشَــاءَهُ   
قال وأنشدنا محمد بن السري في وصف كمأة:
وَأشْعَثَ قَدْ ناوَلْتُهُ أحْرَشُ القِرى   أدَرَّتْ عَلَيـْهِ المُدْجِناتُ الهَواضِبُ
تَخاطأهُ القُنّـاصُ حَتّـى وَجَدْتُـهُ   وَخُرْطُومُهُ في مَنْقَعِ الماءِ راسِبُ
تخاطأ يدل على خاطأ لأن تفاعل مطاوع فعل كما أن تفعل مطاوع فعَّل ووجه من قرأ خِطْأ بيّنٌ فإنه يقال خطىء يخطأ خطأ إذا تعمد الشيء والفاعل منه خاطىء وقد جاء الوعيد فيه في قوله تعالىلا يأكله إلا الخاطئون } [الحاقة: 37] وأما خطاء فهو اسم بمعنى المصدر ومن أخطأت كالعطاء من أعطيت. وقال ابن جني: يقال خطىء يخطأ خِطأة وخطأ في الدين وأخطاء الغرض ونحوه وقد يتداخلان وأما خطأ وخط فتخفيف خطاء وخطاء. قال أبو علي: وأما قولـه فلا يسرف بالياء فإن فاعل يسرف يجوز أن يكون على وجهين أحدهما: أن يكون القاتل الأول فيكون تقديره فلا يسرف القاتل في القتل ويكون مضمراً وإن لم يجر له ذكر لأن الحال تدل عليه فإن قلت كيف يكون في القتل قصد بين شيئين حتى ينهى عن الإسراف فيه الذي هو ترك القصد فالجواب: أنه لا يمتنع أن يكون فيه الإسراف كما جاء في أموال اليتامى ولا تأكلوها إسرافاً ولم يجز أن يؤكل منه لا على الاقتصاد ولا على غيره لقوله:

السابقالتالي
2 3