الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } * { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً }

القراءة: يبلغان بالألف وكسر النون كوفي غير عاصم والباقون يبلغن أف بفتح الفاء ها هنا وفي الأنبياء والأحقاف مكي شامي ويعقوب وسهل وأف بالكسر والتنوين في الجميع مدني وحفص والباقون أف بالكسر غير منون وفي الشواذ قراءة أبي السماك أف مضمومة غير منونة وقرأ ابن عباس أف خفيفة وجناح الذل بكسر الذال. الحجة: قال أبو علي قوله: { إمَّا يبلغن } يرتفع أحدهما به وقوله: { كلاهما } معطوف عليه والذكر الذي عاد من قوله: { أحدهما } يغني عن إثبات علامة الضمير في يبلغان فلا وجه لقول من قال إن الوجه إثبات الألف لتقدم ذكر الوالدين عنى به الفراء وإنما الوجه في ذلك أنه على الشيء الذي يذكر على وجه التوكيد ولو لم يذكر لم يقع بترك ذكره إخلال نحو قولـه:أموات غير أحياء } [النحل: 21] فقوله غير أحياء توكيد لأن قوله أموات يدل عليه فيكون الألف مجردة لمعنى التثنية ولا حظ للاسمية فيها ويرتفع أحدهما أو كلاهما بالفعل وقال الزجاج يكون أحدهما أو كلاهما بدلا ًمن الألف في يبلغان قال أبو علي من قرأ أفَّ بالفتح فإنه بناه على الفتح كقولهم سرعان ذا إهالة وهو اسم لسرع ومثله لوشكان قال:
لَوشَكْانَ ما غَنَّيتُمُ وَشَمِتُّمُ   بـِـإخْوانِكُمْ وَالعِزُّ لَمْ يَتَجَمَّعُ
وكذلك أف اسم لأتضجر وأتكره ونحو ذلك من قرأ أُفٍّ فإنه بدخول التنوين يدل على التنكير مثله مهٍ وصهٍ ومثله قولهم " فداء لك " بنوه على الكسر وإن كان في الأصل مصدراً كما كان أفّ في الأصل مصدراً من قولهم أُفَّةً وتُفَّةً يراد بها نتناً ودفراً ومن قرأ أف ولم ينون جعله معرفة فلم ينون كما أن من قال صه وغاق فلم ينون أراد به المعرفة فإن قلت ما موضع أف في هذه اللغات بعد القول هل يكون موضعه نصباً كما ينتصب المفرد بعده أو يكون كما تكون الجمل فالقول أن موضعه موضع الجمل كما أنك لو قلت رويد لكان موضعه موضع الجمل. قال الزجاج: في أف سبع لغات أف بالضم منوناً وغير منون وأف بالكسر منوناً وغير منون وأفَّ وأفاً وأُوفِّي ممالة وزاد ابن الأنباري أف خفيفة مفتوحة قال أبو الحسن وقول الذين قالوا أُفٍّ أكثر وأجود ولو قلت أف لك وأفاً لك لاحتمل وجهين أحدهما: أن يكون الذي صار اسماً للفعل لحقه التنوين علامة للتنكير والآخر: أن يكون نصباً معرباً وكذا الضم فإن لم يكن معه لك كان ضعيفاً ألا ترى أنك لا تقول ويل ولو قلته لم يستقم حتى يوصل به لك فيكون في موضع الخبر والذل ضد الصعوبة والذل ضد العز والأول في الدابة والثاني في الإنسان.

السابقالتالي
2 3 4