الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } * { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } * { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } * { كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } * { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً }

القراءة: القراءة العامة أمرنا بالتخفيف غير ممدود وقرأ يعقوب آمرنا بالمد وهو قراءة علي بن أبي طالب ع والحسن وأبي العالية وقتادة وجماعة وقرأ أمَّرنا بالتشديد للميم ابن عباس وأبو عثمان النهدي وأبو جعفر محمد بن علي بخلاف وقرأ أمرنا بكسر الميم بوزن عمرنا الحسن ويحيى بن يعمر. الحجة: قال أبو عبيد أمِرنا أكثرنا من قولهم أمِر بنو فلان أي كثروا وأنشد للبيد:
إنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا وَإنْ أمِرُوا   يِوْمــاً يَصِيــرُوا لِلْهُلِكِ وَالنَّفَدِ
قال أبو علي: لا يخلو قوله أمرنا مخففة الهمزة من أن يكون فعلنا من الأمر أو من أمر القوم وأمرتهم مثل شَتَرَتْ عينه وشترتها ورجع ورجعته وسار وسرته فمن لم ير أن يكون أمرنا من أمر القوم إذا كثروا كما حكى ذلك يونس عن أبي عمرو فإنه ينبغي أن يكون من الأمر الذي هو خلاف النهي ويكون المعنى أمرناهم بالطاعة فعصوا وفسقوا ومن قرأ آمرنا فإنه يكون أفعلنا من أمر القوم إذا كثروا وأمرهم الله وكذلك إن ضاعف العين فقال أمرنا ويقوي حمل أمرنا على النقل من أمر وأن لا يجعل من الأمر الذي هو خلاف النهي أن الأمر بالطاعة على هذا يكون مقصوراً على المترفين فقد أمر الله بطاعته جميع خلقه من مترف وغيره ويحمل أمَّرنا على أنه مثل أمرنا ونظير هذا كثر وأكثره الله وكثَّره ولا يحمل أمَّرنا على أن المعنى جعلناهم أمراء لأنه لا يكاد يكون في قرية واحدة جماعة أمراء فإن قلت يكون منهم الواحد بعد الواحد فإنهم إذا كانوا كذلك لا يكثرون في حال وإنما يهلك بكثرة المعاصي في الأرض وعلى هذا جاء الأمر في التنزيليا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } [العنكبوت: 56] فأمرنا بالخروج من الأرض التي تكثر فيها المعاصي إلى ما كان بخلاف هذه الصفة ومما جاء فيه أمر بمعنى الكثرة قول زهير:
وَالإثْمُ مِنْ شَرِّ ما يُصالُ بِهِ   وَالْبِـرُّ كَالْغَيـْـثِ نَبْتـُــهُ أمْرُ
وأما أمِرْنا فقد روى ابن جني بإسناده عن أبي حاتم قال: قال أبو زيد: يقال أمر الله ماله وآمره ومن قال إن أمرنا لا يكون بمعنى أكثرنا قال في قولـه " خَيْر المال سِكَّةٌ مَأْبُورة ومُهْرَةٌ مأمورة " إن معنى مأمورة مؤمّرة فإنما قال هذه لمكان الازدواج كما قالوا الغدايا والعشايا والغداة لا تجمع على الغدايا لكن قيل ذلك ليزدوج الكلام. اللغة: الترفه النعمة قال ابن عرفة المترف المتروك يصنع ما يشاء ولا يمنع منه والتدمير والإهلاك والدمار الهلاك ويقال ذممته وذاميته فهو مذموم ومذؤوم ومذيم بمعنى ويكون ذامته بمعنى طردته ويقال اصنع ذاك وخلاك ذم أي ولا ذم عليك والدحر الإبعاد والمدحور المبعد والمطرود يقال اللهم ادحر عنا الشيطان أي ابعده.

السابقالتالي
2 3 4