الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } * { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } * { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }

القراءة: قرأ أبو جعفر ويخرج له بضم الياء وفتح الراء وقرأ يعقوب ويخرُج له بفتح الياء وضم الراء والباقون ونخرج بالنون وقرأ أبو جعفر وابن عامر تلقّيه بضم التاء وفتح اللام وتشديد القاف والباقون يلقّاه بفتح الياء وسكون اللام. الحجة: من قرأ ويُخْرَجُ له فمعناه أنه يخرج له عمله أو يخرج له طائره يوم القيامة كتاباً ويكون كتاباً منصوباً على الحال ومن قرأ ويَخْرُج فتقديره فيخرج له عمله أو طائره ويكون كتاباً حالاً أيضاً من الضمير في يخرج كما في الأَول ومن قرأ ونخرج بالنون فيكون كتاباً مفعولاً لنخرج ويجوز أن يكون منصوباً على التمييز على معنى ونخرج طائره له كتاباً ويجوز أن يكون نصباً على الحال فيكون بمعنى ذا كتاب أي مثبتاً في الكتاب الذي قال فيهلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } [الكهف: 49] وقوله منشوراً يكون منصوباً على الحال من الهاء في يلقاه على القراءات جميعاً ومن قرأ يلقاه منشوراً فإنه يدل عليه قولهوإذا الصحف نشرت } [التكوير: 10] ومن قرأ يُلقَّاه فيدل عليه قوله ويلقون فيها تحية وسلاماً. اللغة: الإنسان يقع على المذكر والمؤنث فإذا أردت الفصل قلت رجل وامرأة مثل ذلك فرس يقع على المذكر والمؤنث فإذا أردت الفصل قلت حصان وحِجر وفي الهماليج برذون ورمكة وكل بعير يقع على المذكر والمؤنث فإذا فصلت قلت جمل وناقة واشتقاق الإنسان من الإنس أو الأُنس وهو فعلان عند البصريين وقال الكوفيون هو من النسيان وأَصله إنسيان حذفت الياء منه استخفافاً واحتجُّوا على ذلك بقول العرب في تصغيره إنيسيان وهذه الياء عند البصريين زائدة وهو من التصغير الشاذ عندهم مثل عشيشة ومغيربان الشمس ولييلية وأَشباه ذلك والطائر ها هنا عمل الإنسان شبه بالطائر الذي يسنح ويتبرك به والطائر الذي يبرح فيتشاءم به والسانح الذي يجعل ميامنه إلى مياسرك والبارح الذي يجعل مياسره إلى ميامنك والأصل في هذا أنه إذا كان سانحاً أمكن الرامي وإذا كان بارحاً لم يمكنه قال أبو زيد ما يجري من طائر أو ظبي أو غيره فهو عندهم طائر وأنشد لكثير:
فَلَسْـتُ بِناسِيها وَلَسْـتُ بِتـارِكٍ   إذا أعْرَضَ الأُدْمُ الجَوارِي سُؤالَها
أَأُدْرِكُ مِـنْ أمِّ الحَكيـم غَبِيطَـةِ   بِهـا خَبَّرَتْني الطَّيْرُ أَمْ قَدْ أتـى لَها
يخبر في البيت الأخير أن الذي زجره طائر لزهير في ذلك:
فَلَمّـــا أنْ تَفـَــرَّقَ آلُ لَيْلـى   جـَـرَتْ بَيْنِـي وَبَيْنَهـُمُ ظِباءُ
جَرَتْ سُنُحاً فَقُلْتُ لها مَروعاً   نَوىً مَشْمُـــولَةً فَمَتَى اللِّقـاءُ
قال وقولهم سألت الطير وقلت للطير إنما هو زجرتها من خير أو شر ويقوّي ما ذكره قول الكميت:
وَلا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ الطَّيْرَ هَمُّهُ   أَصاحَ غُرابٌ أَمْ تَعَرضَ ثَعْلَبُ
وأنشد لحسان بن ثابت:

السابقالتالي
2 3