الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } * { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } * { وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } * { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

القراءة: القراءة المشهورة في فرقناه بالتخفيف وروي عن علي ع وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب والشعبي والحسن بخلاف وقتادة وعمرو بن فائد فرَّقناه بالتشديد. الحجة: معنى فرَّقناه فصَّلناه ونزَّلناه آية آية وسورة سورة ويدل عليه قوله على مكث والمكث والمُكث لغتان. الإعراب: قرآنا منصوب بفعل مضمر يفسره هذا الظاهر أي وفرقنا قرآنا وجاء بالنصب ولم يأت فيه الرفع لأن صدره فعل وفاعل وهو قوله: وبالحق أنزلناه على مكث في موضع نصب على الحال أي متمهلاً متوقفاً غير مستعجل يخّرون للأذقان في موضع رفع بكونه خبر إن وسجداً نصب على الحال إن كان وعد ربنا إنْ هذه مخففة من الثقيلة وهي واللام دخلتا للتأكيد أياً ما تدعوا تدعوا مجزوم بالشرط الذي يتضمنه أيُّ وعلامة الجزم فيه سقوط النون وما مزيدة مؤكدة للشرط وأياً منصوب بتدعوا. المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدَّم فقال: { وقرآنا فرقناه } أي وأنزلنا عليك يا محمد قرآنا فصَّلناه سوراً وآيات عن أبي مسلم وقيل معناه فرقنا به الحق عن الباطل عن الحسن وقيل معناه جعلنا بعضه خبراً وبعضه أمراً وبعضه نهياً وبعضه وعداً وبعضه وعيداً وأنزلناه متفرقاً لم ننزله جميعاً إذ كان بين أوله وآخره نيف وعشرين سنة { لتقرأه على الناس على مكث } أي على تثبت وتؤدة فترتله ليكون أمكن في قلوبهم ويكونوا أقدر على التأمل والتفكر فيه ولا تعجل في تلاوته فلا يفهم عنك عن ابن عباس ومجاهد وقيل معناه لتقرأه عليهم مفرقاً شيئاً بعد شيء: { ونزلناه تنزيلاً } على حسب الحاجة ووقوع الحوادث. وروي عن ابن عباس أنه قال: لئن أقرأ سورة البقرة وأرتلها أحب إليَّ من أن أقرأ القرآن هذّاً وعن عبد الله بن مسعود أنه قال لا تقرأوا القرآن في أقل من ثلاث واقرأوا في سبع. { قل } يا محمد لهؤلاء المشركين: { آمنوا به } أي بالقرآن: { أولا تؤمنوا } فإن إيمانكم ينفعكم ولا ينفع غيركم وترككم الإيمان يضرُّكم ولا يضرُّ غيركم وهذا تهديد لهم وهو جواب { لن نؤمن لك حتى تفجر لنا } { إن الذين أوتوا العلم من قبله } أي أعطوا علم التوراة من قبل نزول القرآن كعبد الله ابن سلام وغيره فعلموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه عن ابن عباس وقيل إنهم أهل العلم من أهل الكتاب وغيرهم وقيل إنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم عن الحسن { إذا يتلى عليهم } القرآن { يخُّرون للأذقان سجداً } أي يسقطون على الوجوه ساجدين عن ابن عباس وقتادة وإنما خصَّ الذقن لأن من سجد كان أقرب شيء منه إلى الأرض ذقنه والذقن مجمع اللحيين. { ويقولون سبحان ربنا } أي تنزيهاً لربنا عز اسمه عما يضيف إليه المشركون: { إن كان وعد ربنا لمفعولاً } إنه كان وعد ربنا مفعولاً حقاً يقيناً ولم يكن وعد ربنا إلا كائناً.

السابقالتالي
2 3