الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } * { هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ } * { يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ }

القراءة: قرأ حماد ويحيى عن أبي بكر عن عاصم ننبت بالنون والباقون بالياء وقرأ ابن عامر والشمس والقمر والنجوم مسخرات كلها بالرفع وقرأ حفص عن عاصم والشمس والقمر بالنصب والنجوم مسخرات بالرفع وقرأ الباقون كل ذلك بالنصب. الحجة: من قرأ ينبت بالياء فلما تقدم من قوله: { هو الذي أنزل } فالياء أشكل بما تقدم من الإفراد والنون لا يمتنع أيضاً ويقال نبت البقل وأنبته الله قال أبو علي والنصب في قوله: { والشمس والقمر } أحسن ليكون معطوفاً على ما قبله وداخلاً في إعرابه ألا ترى أن ما في التنزيل من نحو قوله:وكلا ضربنا له الأمثال } [الفرقان: 39] ووالظالمين أعدَّ لهم عذاباً أليماً } [الإنسان: 31] يختار فيه النصب ليكون مثل ما يعطف عليه ومشاكلاً له فكذلك هنا إذا حمل ذلك على التسخير كان أشبه فإن قلت فقد جاء مسخرات بعد هذه الأشياء المنصوبة المحمولة على سخر فإن ذلك لا يمتنع لأن الحال تكون مؤكدة ومجيء الحال مؤكدة في التنزيل وغيره كثير كقوله:وهو الحق مصدقاً } [فاطر: 31] وأنا ابن دارة معروفاً:
وكفى بالنأي من أسماء كاف   
ويقوي النصب قوله تعالى: { وسخر لكم الشمس والقمر } دائبين فكما حمل هنا على التسخير كذلك في الأخرى وكذلك النجوم قد حملت على التسخير في قوله:وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر } [الأنعام: 97] وكان ابن عامر قطعه عن سخر لئلا يجعل الحال مؤكدة فابتدأ الشمس والقمر النجوم وجعل مسخرات خبراً عنها ويدل على جواز ذلك أنه إذا جاء سخر لكم الشمس والقمر والنجوم علم من هذا أنها مسخرات فجاز الإخبار بالتسخير عنها لذلك وأما حفص فإنما رفع والنجوم مسخرات لأنه لا يصح أن يقال وسخر النجوم مسخرات فقطعها مما قبلها فعلى هذا يكون حجة من نصب أن يقدر فعلاً آخر وتقديره وجعل النجوم مسخرات. اللغة: القصد استقامة الطريق يقال طريق قصد وقاصد إذا قصد إلى ما يريد والجائز المائل عن الحق والشجر ما ينبت من الأرض وقام على ساق وله ورق وجمعه أشجار ومنه المشاجرة لتداخل بعض الكلام في بعض كتداخل ورق الشجر وقال الأزهري الشجر ما ينبت من الأرض قام على ساق أو لم يقم تسيمون من الإسامة يقال أسمت الإبل إذا رعيتها وأطلقتها فترعى متصرفة حيث شاءت وسامت هي إذا رعت وهي تسوم وإبل سائمة ويقال سمتها إذا قصرتها على مرعى بعينه وسمتها الخسف إذا تركتها على غير مرعى ومنه قيل سيم فلان خسفاً إذا ذل واهتضم قال الكميت في الإسامة:
راعِياً كانَ مُسْجِحاً فَفَقَدْناهُ   وَفَقـْـدُ الْمُسِيـمِ هُلْكُ السَّوامِ
وقال آخر:
وَأَسْكُنُ ما سَكَنْتُ بِبَطْـنِ وادٍ   وَأَظْعــَنُ إنْ ظَعَنْتُ فَلا أسيمُ
وذهب قوم إلى أن السوم في البيع من هذا لأن كل واحد من المتبايعين يذهب فيما يبيعه من زيادة ثمن أو نقصانه إلى ما يهواه كما تذهب السائمة حيث شاءت.

السابقالتالي
2 3