الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

القراءة: في الشواذ قراءة ابن مسعود وعلقمة والحسن ومجاهد أينما يُوَجِّهْ وروي عن علقمة يُوَجَّهْ بفتح الجيم. الحجة: قال ابن جني أما يُوَجِّه بكسر الجيم فعلى حذف المفعول أي أينما يوجه وجهه فحذف للعلم به وأقول أن نظيره ما جاء في المثل " أينما أوجه ألق سعداً " ومعناه أينما أوجه وجوه ركابي وسعد قبيلته أي كل الناس مثل قبيلتي في التحاسد وأما يوجّه بفتح الجيم فمعناه أينما يرسل أو يبعث لا يأت بخير. اللغة: الأبكم الذي يولد أخرس لا يفهم ولا يفهم وقيل الأبكم الذي لا يمكنه أن يتكلم والكل الثقل يقال كلّ عن الأمر يكل كلاً إذا ثقل عليه فلم ينبعث فيه وكلت السكين كلولاً إذا غلظت شفرتها وكلَّ لسانه إذا لم ينبعث في القول لغلظه وذهاب حده فالأصل فيه الغلظ المانع من النفوذ والتوجيه الإرسال في وجه من الطريق يقال وجهته إلى موضع كذا فتوجه إليه. الإعراب: { ومن رزقناه منا رزقاً حسناً } رزقاً مفعول ثان لرزقناه وفي هذا دليل على أن رزق يتعدى إلى مفعولين ألا ترى أن قوله رزقاً حسناً لو كان مصدراً لما جاز أن يقول فهو ينفق منه لأن الإنفاق إنما يكون من المال لا من الحدث الذي هو المصدر. المعنى: ثم بيَّن سبحانه للمشركين أمر ضلالتهم فقال { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء } أي بيَّن الله مثلاً فيه بيان المقصود تقريباً للخطاب إلى أَفهامهم ثم ذكر ذلك فقال عبداً مملوكاً لا يقدر من أمره على شيء { ومن رزقناه منا رزقاً حسناً } يريد وحُرّاً رزقناه وملكناه مالاً ونعمة { فهو ينفق منه سراً وجهراً } لا يخاف من أحد { هل يستوون } ولم يقل يستويان لأنه أراد بقوله: { ومن رزقناه } وقوله: { عبداً مملوكاً } الشيوع في الجنس لا التخصيص يريد أن الاثنين المتساويين في الخلق إذا كان أحدهما مالكاً قادراً على الإنفاق والآخر عاجزاً عن الإنفاق لا يستويان فكيف يستوي بين الحجارة التي لا تعقل ولا تتحرك وبين الله عز اسمه القادر على كل شيء الخالق الرازق لجميع خلقه وهذا معنى قول المجاهد والحسن. وقيل إن هذا المثل للكافر والمؤمن فإن الكافر لا خير عنده والمؤمن يكسب الخير عن ابن عباس وقتادة نبَّه الله سبحانه بذلك على اختلاف حاليهما ودعا إلى حال المؤمن وصرف عن حال الكافر. { الحمد لله } أي الشكر لله على نعمه وفيه إشارة إلى أن النعم كلها منه وقيل معناه قولوا الحمد لله الذي دلّنا على توحيده ومعرفته وهدانا إلى شكر نعمته وأوضح لنا السبيل إلى جنته { بل أكثرهم لا يعلمون } يعني أن أكثر الناس وهم المشركون لا يعلمون أن الحمد لي وأن جميع النعمة مني.

السابقالتالي
2