الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْحَيَاةَ ٱلْدُّنْيَا عَلَىٰ ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } * { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلْخَاسِرونَ } * { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

القراءة: قرأ ابن عامر فتنوا بفتح الفاء والتاء والباقون فُتِنوا بضم الفاء وكسر التاء. الحجة: قال أبو علي حجة من قرأ فُتِنوا أن الآية في المستضعفين المقيمين الذين كانوا بمكة وهم صهيب وعمار وبلال فُتنوا وحُملوا على الارتداد عن دينهم فمنهم من أعطى التقية وعمار منهم فإنه ممن أظهر ذلك تقية ثم هاجر ومن قرأ فَتَنوا فيكون على معنى فتن نفسه بإظهار ما أظهر من التقية فكأنه يحكي الحال التي كانوا عليها من إظهار ما أخذوا به من التقية لأن الرخصة فيه لم تكن نزلت بعد وهي قوله:إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } [النحل: 28] إلى قوله: { إلا المستضعفين } وقوله: { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإِيمان } الإِعراب: قال الزجاج قوله: { من كفر بالله } في موضع رفع على البدل من الكاذبين وهو تفسير للكاذبين ولا يجوز أن يكون رفعاً بالابتداء لأنه لا خبر ها هنا للابتداء فإن قولـه: { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإِيمان } ليس بكلام تام وقوله: { فعليهم غضب من الله } خبر قوله: { من شرح بالكفر صدراً } وقال الكوفيون من كفر شرط وجوابه يدل عليه جواب من شرح فكأنه قيل من كفر فعليه غضب من الله وهذا كقوله من يأتنا فمن يحسن نكرمه فجواب الأول محذوف. وقوله: { أنهم في الآخرة هم الخاسرون } يجوز أن يكون في موضع رفع على أن يكون قوله لا من لا جرم رداً للكلام والمعنى وجب أنهم ويجوز أن يكون في موضع نصب على أن يكون المعنى جرم فعلهم هذا أنهم الخاسرون وتكون لا مزيدة ويجوز أن يكون معناه لا بد أنهم فيكون على حذف الجار أي لا بدّ من ذلك ثم إن ربك خبر أن قوله: { غفور رحيم } وهذا من باب ما جاء في التنزيل أن فيه مكرراً وكذلك الآية التي تأتي بعدثم إن ربك للذين عملوا السوء } [النحل: 119] الآية. النزول: قيل نزول قولـه: { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإِيمان } في جماعة أكرهوا وهم عمار وياسر أبوه وأمه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار وأمه وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه ثم أخبر سبحانه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوم: كفر عمار فقال صلى الله عليه وسلم: " " كلا إن عماراً مليء إيماناً من قرنه إلى قدمه واختلط الإِيمان بلحمه ودمه " وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فقال صلى الله عليه وسلم " ما وراءك " فقال " شرٌّ يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير " فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه ويقول " إن عادوا لك فعد لهم بما قلت "

السابقالتالي
2