الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } * { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقُلْ إِنِّيۤ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } * { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ }

اللغة: عضين جمع عضة وأصله عضوة فنقصت الواو ولذلك جمعت عضين بالنون كما قال عزة وعزون والأصل عزوة والتعضية التفريق مأخوذ من الأعضاء يقال عضيت الشيء أي فرقته وبعضته قال رؤبة:
وليـس ديـن الـلـه بالمعضـــي   
وقال آخر:
تِلْـكَ دِيــارٌ تأْزُمُ المَآزما   وَعَضَواتٌ تَقْطعُ اللَّهازِما
وقيل أصل عضة عضهة فحذفت الهاء كما حذفت من شفة وشاة وأصلها شفهة وشاهة بدلالة أن الجمع شفاه وشياه بالهاء والتصغير شفيهة وشويهة. المعنى: { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } معناه وما خلقناهما عبثاً بل لما اقتضته الحكمة وهي أنا قد تعبدنا أهلها ثم نجازيهم بما عملوا { وإن الساعة } وهي يوم القيامة { لآتية } أي جائية بلا شك بعذابهم وقيل بمجازاة الخلائق كلهم وقيل هو تفسير قوله إلا بالحق { فاصفح الصفح الجميل } أي فأعرض يا محمد عن مجازاة المشركين وعن مجاوبتهم واعف عنهم عفواً جميلاً. واختلف في الآية فقيل إنها منسوخة بآية القتال عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك. وقيل لا نسخ فيه بل هو فيما بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينهم لا فيما أمر به من جهة جهادهم أمره بالصفح عنهم في موضع الصفح لقوله:فأعرض عنهم وعظهم } [النساء: 63] عن الحسن قال القاضي والصفح ممدوح في سائر الحالات وهو كالحلم والتواضع وقد يلزمنا الصفح الجميل مع لزوم التشديد في أمر الجهاد وحكي عن علي بن أبي طالب ع أن الصفح الجميل هو العفو من غير عتاب وقيل هو العفو بغير تعنيف وتوبيخ. { إن ربك هو الخلاق } للأشياء { العليم } بتدبير خلقه فلا يخفى عليه ما يجري بينكم ويجوز أن يريد إن ربك هو الذي خلقكم وعلم ما هو الأصلح لكم وقد علم أن الصفح أصلح الآن إلى أن يؤمر بالسيف. ثم ذكر سبحانه ما خصَّ به نبيّه صلى الله عليه وسلم من النعم فقال { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني } وقد تقدّم الكلام فيه وأن السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وهو قول علي ع وابن عباس والحسن وأبي العالية وسعيد بن جبير وإبراهيم ومجاهد وقتادة وروي ذلك عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام وقيل هي السبع الطوال وهي السور السبع من أول القرآن وإنما سميت مثاني لأنه يثنى فيها الإخبار والعبر عن ابن عباس. في رواية أخرى وابن مسعود وابن عمر والضحاك وقيل المثاني القرآن كله لقوله:كتاباً متشابهاً مثاني } [الزمر: 23] عن أبي مالك وطاوس وروي نحو ذلك عن ابن عباس ومجاهد. ومن قال هي فاتحة الكتاب اختلفوا في سبب تسميتها مثاني فقيل لأنها تثنى قراءتها في الصلاة عن الحسن وأبي عبد الله ع وقيل لأنها تثني بها مع ما يقرأ من القرآن عن الزجاج وقيل لأن فيها الثناء مرتين وهو الرحمن الرحيم وقيل لأنها مقسومة بين الله وعبده عل ما روي في الخبر وقيل لأن نصفها ثناء ونصفها دعاء وقيل لأنها نزلت مرتين تعظيماً وتشريفاً لها وقيل لأن حروفها كلها مثناة نحو الرحمن الرحيم إياك وإياك والصراط وصراط وقيل لأنها تثني أهل الفسق عن الفسق.

السابقالتالي
2 3