الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ } * { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } * { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } * { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } * { وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلحِجْرِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ } * { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

القراءة: قرأ جميع القراء الأيكة ها هنا لأنها مكتوبة بالألف إلا ورشاً عن نافع فإنه يترك الهمزة ويرد حركتها إلى اللام. الحجة: إذا خففت الهمزة في الأيكة وقد ألحقتها الألف واللام حذفتها وألقيت حركتها على اللام ويجوز فيه إذا استأنف لغتان فمن قال الحْمَرُ قال اليْكَةُ ومن قال الحْمَرُ قال لَيْكَةُ. اللغة: الأيكة الشجر الملتف وجمعها أيك مثل شجرة وشجر قال أمية:
كَبُــكَا الحَمــامِ عَلـى فُرُو   ع ِالأيْكِ في الطَّيْرِ الجِوانِحِ
وقيل الأيكة الغيضة والمتوسم الناظر في السمة الدالة وهي العلامة ويقال وسمت الشيء وسماً إذا أثرت فيه بسمة ومنه الوسمي أول المطر لأنه يسم الأض بالنبات وتوسم الرجل طلب كلأ الوسمي قال:
وَأَصْبَحْنَ كَالدَّوْمِ النَّواعِمِ غُدْوَةً   عَلى وجْهَــةٍ مِنْ طاعِنٍ مُتَوَسِّمِ
وتوسم فيه الخير إذا عرف سمة ذلك فيه والأمام الطريق والإمام المبين اللوح المحفوظ والإمام في اللغة هو المتقدم الذي يتبعه من بعده الحِجْر أخذ من الحجر الذي هو المنع ومنه سمي العقل حجراً لأنه يمنع من القبائح. الإعراب: انتصب قوله: { مشرقين ومصبحين } على الحال يقال أشرقوا وهم مشرقون إذا صادفوا شروق الشمس وهو طلوعها كما يقال أصبحوا إذا صادفوا الصبح فمعنى مشرقين مصادفين لطلوع الشمس وإنْ في قوله: { وإن كان أصحاب الأيكة } مخففة من الثقيلة آمنين منصوب على الحال. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن كيفية عذاب قوم لوط فقال { فأخذتهم الصيحة مشرقين } أي أخذهم الصوت الهائل في حال شروق الشمس { فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل } مضى تفسيره في سورة هود { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } معناه أن فيما سبق ذكره من إهلاك قوم لوط لدلالات للمتفكرين المعتبرين عن قتادة وابن زيد وقيل للمتفرسينِ عن مجاهد وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " وقال: " إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم " ثم قرأ هذه الآية وروي عن أبي عبد الله ع أنه قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم. والسبيل طريق الجنة ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره. { وإنها لبسبيل مقيم } معناه أن مدينة لوط لبطريق مسلوك يسلكها الناس في حوائجهم فينظرون إلى آثارها ويعتبرون بها لأن الآثار التي يستدل بها مقيمة ثابتة وهي مدينة سدوم وقال قتادة: إن قرى قوم لوط بين المدينة والشام. { إن في ذلك لآيات } أي عبرة ودلالة { للمؤمنين } وخصَّ المؤمنين لأنهم هم الذين انتفعوا بها { وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين } وأصحاب الأيكة هم أهل الشجر الذين أرسل إليهم شعيب ع وأرسل إلى أهل مدين فأهلكوا بالصيحة. وأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة التي احترقوا بنارها عن قتادة وجماعة من المفسرين ومعنى الآية أنه كان أصحاب الأيكة لظالمين في تكذيب رسولهم وكانوا أصحاب غياض فعاقبهم الله تعالى بالحر سبعة أيام ثم أنشأ سبحانه سحابة فاستظلوا بها يلتمسون الروح فيها فلما اجتمعوا تحتها أرسل منها صاعقة فأحرقتهم جميعاً.

السابقالتالي
2