الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } * { وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } * { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } * { وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } * { قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ } * { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } * { قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } * { قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } * { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }

اللغة: الإسراء سير الليل يقال سرى يسري سرى وأسرى إسراء لغتان قال امرؤ القيس:
سَـرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ مَطِيُّهُمْ   وَحَتَّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بِأَرْسانِ
والقطع كأنه جمع قطعة مثل يسرة ويسر وتمرة وتمر والاتباع اقتفاء الأثر والاتباع في المذهب والاقتداء بمعنى وخلافه الابتداع والأدبار جمع دبر هو جهة الخلف والقبل جهة القدام وقد يكنى بهما عن الفرج. والدابر الأصل وقيل إن الدابر الآخر وعقب الرجل دابره والعُمر والعَمر واحد غير أنه لا يجوز في القاسم إلا بالفتح لأن الفتح أخف عليهم وهم يكثرون القسم بلعمري ولعَمرك فلزموا الأخف. الإعراب: إن دابر هؤلاء مقطوع موضع أن نصب بأنه بدل من ذلك الأمر لأنه تفسيره ويجوز أن يكوزن نصباً على حذف الجار فكأنه قال وقضينا إليه بأن دابرهم مقطوع وقوله مصبحين نصب على الحال ويستبشرون أيضاً في موضع نصب على الحال لعمرك مرفوع على الابتداء وخبره محذوف والتقدير لعمرك قسمي أو لعمرك ما أقسم به ولا يستعمل إظهار هذا الخبر. قال الزجاج: إن باب القسم يحذف معه الفعل تقول والله لأفعلن وبالله لأفعلن والمعنى أحلف بالله فحذف الفعل للعلم به فكذلك حذف خبر الابتداء لدلالة الكلام عليه. المعنى: ثم أخبر سبحانه أن الملائكة لما خرجوا من عند إبراهيم ع أتوا لوطاً ع يبشرونه بهلاك قومه فقال { فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون } وإنما قال لهم لوط ذلك لأنهم جاءوه على صفة المرد على هيئة وجمال لم ير مثلهم قط فأنكر شأنهم وهيئتهم وقيل إنه أراد أني أنكركم فعرِّفوني أنفسكم ليطمئنَّ قلبي { قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون } أي بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه إذا خوَّفتهم به { وأتيناك بالحق } أي بالعذاب المستيقن به { وإنا لصادقون } فيما أخبرناك به وقيل معناه وأتيناك بأمر الله تعالى ولا شك أنَّ أمره سبحانه حق. { فأسر بأهلك بقطع من الليل } ومعناه سر بأهلك بعد ما يمضي أكثر الليل ويبقى قطعة منه { واتبع أدبارهم } أي اقتف أثرهم وكن وراءهم لتكون عيناً عليهم فلا يتخلف أحد منهم { ولا يلتفت منكم أحد } أي لا يلتفت أحد منكم إلى ما خلف وراءه في المدينة وهذا كما يقول القائل امض لشأنك ولا تعرج على شيء وقيل لا ينظر أحد منكم وراءه لئلا يروا العذاب فيفزعوا ولا يحتمل قلبهم ذلك عن الحسن وأبي مسلم. { وامضوا حيث تؤمرون } أي اذهبوا إلى الموضع الذي أمركم الله بالذهاب إليه وهو الشام عن السدي { وقضينا إليه ذلك الأمر } أي أعلمنا لوطاً وأخبرناه وأوحينا إليه ما ننزل به من العذاب { أن دابر هؤلاء مقطوع } يعني أن آخر من يبقى منهم يهلك وقت الصبح.

السابقالتالي
2