الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ } * { قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } * { قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ } * { قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ } * { قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * { إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ }

القراءة: قرأ نافع وحده فبم تبشرون خفيفة النون مكسورة وقرأ ابن كثير وحده فبم تبشرون مشددة النون مكسورة وقرأ الباقون تبشرونَ مفتوحة النون خفيفة وروى أبو علي الضرير عن روح وغيره عن يعقوب فبم تبشروني بإثبات الياء وقرأ أبو عمرو والكسائي يقنط ويقنطوا بكسر النون حيث كان والباقون بفتح النون وقرأ لمنجوهم خفيفة أهل الكوفة غير عاصم ويعقوب والباقون بالتشديد وقرأ قدرنا بالتخفيف أبو بكر عن عاصم وكذلك في النمل والباقون بالتشديد. الحجة: قال أبو علي الوجه في قراءة نافع أنه أراد تبشرونني إلا أنه حذف النون الثانية استثقالاً لأن التكرير بها وقع ولم يحذف النون الأولى التي هي علامة الرفع وقد حذفوا هذه النون في كلامهم لأنها زائدة ولأن علامة الضمير الياء من دونها قال:
أَبِـالمَوْتِ الَّذي لاَ بُدَّ إِنّي   مُلاقٍ لا أَباكِ تُخَوّ فِيني
وقال:
تَـراهُ كالثَّغامِ يُعَلُّ مِسْكاً   يَسُوءُ الفالِياتِ إِذا فَلَيْني
والوجه في تشديد ابن كثير النون أنه أدغم النون الأولى التي هي علامة الرفع في الثانية المتصلة بالياء التي هي المضمر المنصوب المتكلم ومن فتح النون فلأنه لم يعدّ الفعل إلى المفعول به كما عدّى غيره وحذف المفعول به كثير والنون علامة الرفع وقنط يقنَط وقنَط يقنِط لغتان وكان قنَط يقنِط أعلى ويدل على ذلك إجماعهم في قوله قنطوا وحكي أن يقنُط لغة وهذا يدل على أن يقنِط أكثر لأن مضارع فَعل يجيء على يفعِل ويفعُل. وحجة من قرأ لمنجُّوهم قولـهونجينا الذين آمنوا } [فصلت: 18] وحجة من قرأ بالتخفيف قولـهفأنجاه الله من النار } [العنكبوت: 24] وقدرت بالتخفيف لغة في قدرت يدل على ذلك قول الهذلي:
وَمُفْــرِهَةٍ عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها   فَخَرَّتْ كَما تَتَّايع الرّيحُ بِالقَفْلِ
والمعنى قدرت ضربتي لساقها فضربتها فحذف لدلالة الكلام عليه فمن قرأ قدرنا مخففاً كان في معنى التشديد. اللغة: الضيف هو المنضوي إلى غيره لطلب القرى وهو يقع على الواحد والاثنين والجمع لأنه في الأصل مصدر وصف به وقد يجمع بالأضياف والضيوف والضيفان. والوجل الخوف يقال وجل يوجل وياجل وييجِل وييجَل إذا خاف والخطب الأمر الجليل ومنه الخطبة والخطبة والمجرم المنقطع عن الحق إلى الباطل وهو القاطع لنفسه عن المحاسن إلى القبائح والغابر الباقي فيمن يهلك قال الشاعر:
فَمــا وَنى مُحَمَّدٌ مُذْ أنْ غَفَرْ   لَهُ الإله ما مَضَى وَما غَبَرْ
الإعراب: سلاماً منصوب على المصدر كأنهم قالوا سلمنا إلا آل لوط. قال الزجاج: هو استثناء ليس من الأول وقوله إلا امرأته استثناء من الهاء والميم في قوله إنا لمنجوهم وقوله قدرنا إنها لمن الغابرين في معنى علمنا أنها لمن الغابرين. قال أبو عبيدة في الآية معنى فقهي كان أبو يوسف يتأوله فيها وهو أن الله استثنى امرأة لوط من آل لوط فرجعت امرأته في التأويل إلى القوم المجرمين وكذلك كل استثناء في الكلام إذا جاء بعد استثناء آخر دعا المعنى إلى أول الكلام كقول الرجل لفلان عليَّ عشرة دراهم إلا أربعة إلا درهماً فإنه يكون إقراراً بسبعة وكذلك لو قال له عليَّ خمسة إلا درهماً إلا ثُلثاً كان إقراراً بأربعة وثُلث.

السابقالتالي
2