الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } * { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ }

القراءة: قرأ يعقوب صراطٌ عليٌّ بالرفع وهي قراءة أبي رجاء وابن سيرين وقتادة والضحاك ومجاهد وقيس بن عبادة وعمرو بن ميمون، وروي ذلك عن أبي عبد الله ع والباقون من القراء قرأوا عَلَيَّ. الحجة: قال ابن جني عَلِيٌّ هنا كقولهم كريم شريف وليس المراد به علو الشخص والنصبة وقال أبو الحسن في قراءة الجماعة هذا صراط عَليَّ مستقيم هو كقولك الدلالة اليوم عليَّ على أي هذا صراط في ذمتي وتحت ضماني كقولك صحة هذا المال علي وتوفية عدته علَيَّ وليس معناه عنده مستقيم عَليَّ كقولنا قد استقام على الطريق واستقرَّ على كذا وما أحسن ما ذهب إليه أبو الحسن فيه. اللغة: الإغواء الدعاء إلى الغي والإغواء خلاف الإرشاد وهذا أصله وقد يكون بمعنى الحكم بالغي على وجه الذم والتزيين جعل الشيء متقبلاً في النفس من جهة الطبع أو العقل بحق أو الباطل وإغواء الشيطان تزيينه الباطل حتى يدخل صاحبه فيه. المعنى: ثم بيَّن سبحانه ما سأله إبليس عند إياسه من الآخرة فقال عز اسمه { قال رب فأنظرني } أي فامهلني وأخِّرني { إلى يوم يبعثون } أي يحشرون للجزاء استنظره إبليس إلى يوم القيامة لئلا يموت إذ يوم القيامة لا يموت فيه أحد فلم يجبه الله تعالى إلى ذلك بل { قال } له { فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم } الذي هو آخر أيام التكليف وهو النفخة الأولى حين يموت الخلائق عن ابن عباس وقيل الوقت المعلوم يوم القيامة أنظره الله سبحانه في رفع العذاب عنه إلى يوم القيامة عن الحسن والجبائي وأبي مسلم وقيل هو الوقت الذي قدَّر الله أجله فيه وهو معلوم لله سبحانه غير معلوم لإبليس فأبهم ولم يبيّن لأن في بيانه إغراء بالمعصية عن البلخي. واختلف في تجويز إجابة دعاء الكافر وقال الجبائي لا يجوز لأن في إجابة الدعاء تعظيماً له وقال ابن الإخشيد يجوز ذلك لأن الإجابة كالنعمة في احتمالها أن يكون ثواباً وتعظيماً وأن يكون استصلاحاً ولطفاً. { قال } إبليس { رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين } قيل فيه أقوال أحدها: أن الإغواء الأول والثاني بمعنى الإضلال أي كما أضللتني لأضلنَّهم وهذا لا يجوز لأن الله سبحانه لا يضل عن الدين إلا أن يحمل على أن إبليس كان معتقداً للخير وثانيها: أن الإغواء الأول والثاني بمعنى التخييب أي بما خيبتني من رحمتك لأخيبنهم بالدعاء إلى معصيتك عن الجبائي وثالثها: أن معناه بما أضللتني عن طريق جنتك لأضلنهم بالدعاء إلى معصيتك ورابعها: بما كلفتني السجود لآدم الذي غويتُ عنده فسمي ذلك غواية كما قالفزادتهم رجساً إلى رجسهم } لما ازدادوا عندها [التوبة: 125] عن البلخي والباء في قوله بما أغويتني قيل إن معناها القسم ها هنا عن أبي عبيدة.

السابقالتالي
2