الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } * { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ }

القراءة: قرأ أهل المدينة وعاصم ربما يود خفيفة الباء والباقون بالتشديد وروى محمد بن حبيب الشموني عن الأعشى عن أبي بكر ربتما بالتاء. الحجة: قال أبو علي أنشد أبو زيد:
مــاوِيِّ بَلْ رُبَّتَما غارةٍ   شَعْواءُ كَاللَّذعَةِ بِالْميسَمِ
وأنشد أيضاً:
يــا صاحِبا رُبَّتَ إنْسانٍ حَسَنْ   يَسْألُ عَنْكَ الْيَوْمَ أَوْ تَسْأَلُ عَنْ
وقال السكري ربَّما وربَّتما ورُبَما ورُبَتما ورُبَّ ورُبَ ست لغات قال سيبويه: رب حرف ويلحقها ما على وجهين أحدهما: أن يكون نكرة بمعنى شيء وذلك كقوله:
رُبْما تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِن الأَمْرِ   لَــهُ فَرْجَــةٌ كَحـَـــلِّ العِقَـــالِ
فما في هذا البيت اسم لما يقدر من حذف الضمير إليه من الصفة والمعنى رب شيء تكرهه النفوس وإذا عاد إليه الهاء كان اسماً ولم يجز أن يكون حرفاً كما أن قوله أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين لما عاد إليه الذكر علمت بذلك أنه اسم وقوله فرجْوة يرتفع بالظرف في قول الناس جميعاً ولا يرتفع بالابتداء وقد يقع أيضاً لفظة من بعد رب في مثل قوله:
ألا رُبَّ مَنْ تَغْتشُّهُ لَكَ ناصِح   وَمـُـؤْتَمَنٍ بِالْغَيـْبِ غَيْرُ أَمينِ
فكما دخلت رب على مَنْ وكانت نكرة في معنى شيء كذلك تدخل على ما والآخران تدخل كافة كما في الآية ونحو قول الشاعر:
رُبَــما أَوفَيـْتُ في عَلَمٍ   تَرْفَعَنْ ثَوْبي شِمالاتُ
والنحويون يسمّون ما هذه كافة يريدون أنها بدخولها كفت الحرف عن العمل الذي كان له وهيأته لدخوله على ما لم يكن يدخل عليه ألا ترى أن رب إنما تدخل على الاسم المفرد نحو رب رجل كريم يقول ذلك وربه رجلاً يقول ذلك ولا يدخل على الفعل فلما دخلت ما عليها سوَّغتْ لها الدخول على الفعل فمن ذلك قولهربما يود الذين كفروا } [الحجر: 2] فوقع الفعل بعدها في الآية وهو على لفظ المضارع ووقع في قوله ربما أوفيت في علم على لفظ الماضي وهكذا ينبغي في القياس لأنها تدل على أمر قد مضى وإنما وقع في الآية على لفظ المضارع لأنه حكاية لحال آتية كما أن قولـه { إن ربك ليحكم بينهم } حكاية لحال آتية ومن حكاية الحال قول القائل:
جارِيةٌ في رَمَضانِ الماضي   تُقَطـِّعُ الحَدِيــثَ باِلإِيماضِ
ومن زعم أن الآية على إضمار كان وتقديره ربما كان يود فقد خرج بذلك عن قول سيبويه. ألا ترى إن كان لا يضمره ولم يجز عبد الله المقتول وأنت تريد " كن عبد الله المقتول " فأما إضمارها بعد إن في قولهم إن خيراً فخير فإنما جاز ذلك لاقتضاء الحرف له فصار اقتضاء الحرف له كذكره فأما ما أنشده ابن حبيب لنبهان بن مسور:
لَقَدْ رُزِيَتْ كَعْبُ بْنُ عَوْفٍ وَرُبَّما   فَتًى لَمْ يَكُنْ يَرْضى بِشَيْءٍ يَضيمُها

السابقالتالي
2 3