الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } * { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ }

اللغة: الصلصال الطين اليابس أخذ من الصلصلة وهي القعقعة ويقال لصوت الحديد ولصوت الرعد صلصلة وهي صوت شديد متردد في الهواء وصلَّ يصل إذا صوَّت قال:
رَجَعْتُ إلى صَوْتٍ كَجـــَرَّةِ حَنْتمٍ   إذا قُرِعَتْ صِفْراً مِنَ الماءِ صَلَّتِ
ويقال الصلصال المنتن أخذ من صل اللحم وأصل إذا أنتن والحمأ جمع حمأة وهو الطين المتغير إلى السواد يقال حمئت البئر وأحمأتها أنا والمسنون المصبوب من سننت الماء على وجهه أي صببته ويقال سننت بالسين غير معجمة أرسلت الماء وشننت بالشين معجمة صببت وقيل إنه المتغير من قولهم سننت الحديد على المسن إذا غيرتها بالتحديد وأصلها الاستمرار في جهة من قولهم هو على سنن واحد والسنة الطريقة وسنة الوجه صورته قال ذو الرمة:
تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ   مَلْساءَ لَيْسَ بِها خالٌ وَلا نَدَبُ
قال سيبويه: جمع الجان جنان فهو مثل حائط وحيطان وراع ورعيان. والسموم الريح الحارة أخذ من دخولها بلطفها في مسام البدن ومنه السم القاتل يقال سم يومنا يسم إذا هبت فيه ريح السموم. الإعراب: من جعل الجان جمعاً قال ولم يقل خلقناها كما قال مما في بطونه ومما في بطونها وقوله ما لك أن تكون مع الساجدين ما مبتدأ ولك خبره والتقدير أيّ شيء ثابت لك وألا تكون تقديره في أن لا تكون فحذف في وهي متعلقة بالخبر أيضاً فلما حذفت في انتصب موضع أن لا تكون على قول سيبويه وبقي على الجر على قول الخليل وأبو الحسن حمل أن على الزيادة ولا تكون في موضع الحال قال وتقديره ما لك خارجاً عن الساجدين. المعنى: لما ذكر سبحانه الإحياء والإماتة والنشأة الثانية عقَّبه ببيان النشأة الأولى فقال { ولقد خلقنا الإنسان } يعني آدم { من صلصال } أي من طين يابس يسمع له عند النقر صلصلة أي صوت عن ابن عباس والحسن وقتادة وأكثر المفسرين وقيل طين صلب يخالطه الكثيب عن الضحاك وقيل منتن عن مجاهد واختاره الكسائي { من حمأ } أي من طين متغير { مسنون } أي مصبوب كأنه أفرغ حتى صار صورة كما يصب الذهب والفضة وقيل إنه الرطب عن ابن عباس وقيل مسنون مصور عن سيبويه قال أخذ من سنة الوجه. { والجان } وهو إبليس عن الحسن وقتادة وقيل هو أبو الجن كما أن آدم أبو البشر عن ابن عباس وقيل هم الجن نسل إبليس وهو منصوب بفعل مضمر معناه وخلقنا الجان { خلقناه من قبل } أي من قبل خلق آدم { من نار السموم } أي من نار لها ريح حارة تقتل وقيل هي نار لا دخان لها والصواعق تكون منها. وروى أبو روق عن الضحاك عن ابن عباس قال كان إبليس من حي من إحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة وخلق الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار وقيل السموم النار الملتهبة عن أبي مسلم وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان لا يفضل بأصله وإنما يفضل بدينه وعلمه وصالح عمله وأصل آدم ع كان من تراب وذلك قوله

السابقالتالي
2 3