الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } * { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } * { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } * { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } * { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ ٱلْوَارِثُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }

القراءة: قرأ حمزة وحده الريح لواقح والباقون الرياح لواقح. الحجة: قال أبو عبيدة لا أعرف لذلك وجهاً إلا أن يريد أن الريح تأتي مختلفة من كل وجه فكانت بمنزلة الرياح وحكى الكسائي أرض أغفال وأرض سباسب. قال المبرد يجوز ذلك على أن يجعل الريح جنساً وليس بجيد لأن الرياح ينفصل بعضها عن بعض ومعرفة كل واحدة منها والأرض ليست كذلك لأنها بساط واحد. اللغة: الرواسي الثوابت واحدها راسية والمراسي ما يثبت به والوزن وضع أحد الشيئين بإزاء الآخر على ما يظهر به مساواته في المقدار وزيادته والمعايش جمع معيشة وهي طلب أسباب الرزق مدة الحياة وقد يطلبها الإنسان لنفسه بالتصرف والتكسب وقد يطلب له فإن أتاه أسباب الرزق من غير طلب فذلك العيش الهنيء واللواقح الرياح التي تلقح السحاب حتى يحمل الماء أي يلقي إليه ما يحمل به الماء يقال لقحت الناقة إذا حملت وألقحها الفحل فاللواقح في معنى الملقحات وقيل في علة ذلك قولان أحدهما: أنه في معنى ذات لقاح ومثله همُّ ناصب أي ذو نصب قال النابغة:
كِليني لِهَمّ يا أُمَيْمَةُ ناصِبِ   وَلَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ
أي منصب وقال نهشل بن حري:
لِيُبْك يزيدٌ ضارعٌ لِخُصُومَةٍ   ومُخْتَبِطٌ مِمّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ
أي المطاوح: والآخر: أن الرياح لاقحة بحملها الماء ملقحة بإلقائها إياه إلى السحاب ويقال سقيته فيما يشربه بشفته واستقيته بالألف فيما تشربه أرضه قال علي بن عيسى وقد يجيء أحدهما بمعنى الآخر كقولهنسقيكم مما في بطونه } [النحل: 66] وقال ذو الرمة:
وَقَفـْـــتُ على رَبْعٍ لِمَيَّة ناقَتي   فما زلْت أبْكِي عِنْدَهُ وَأُخاطِبُهْ
وأسَقيـــه حَتـَّـى كاد مـمّا أبُثُّهُ   تُكَلِّمنـي أحْجــارَهُ وَمــلاعِبُهْ
الإعراب: والأرض منصوب بفعل مضمر تقديره ومددنا الأرض { مددناها } كقولهوالقمر قدرناه } [يس: 39] أي وقدرنا القمر قدرناه ومن لستم له برازقين من في موضع نصب عطفاً على معايش والمراد به العبيد والإماء والأنعام والدواب عن مجاهد. وقال الفراء: العرب لا تكاد تجعل من إلا في الناس خاصة فإن كان مع الدواب العبيد حسن حينئذ. قال: وقد يجوز أن يكون من في موضع جر عطفاً على الكاف والميم في لكم. وقال المبرد: والظاهر المخفوض لا يعطف على المضمر المخفوض نحو مررت بك وزيد إلا أن يضطر شاعر وأنشد الفراء:
نُعلّـقُ في مثْلِ السّوارِي سُيُوفنا   وما بَيْنَها والكَعْبِ غَوْطُ نَفانِفُ
فرد الكعب على الهاء في بينها وقال:
هلاَّ سألْت بذي الجَماجِم عَنْهُمُ   وَأبـي نُعَيمٍ ذي اللِّواءِ المُحْرِقِ
فرد أبا نعيم على هم في عنهم قال ويجوز أن يكون مَنَ في موضع رفع لأن الكلام قد تمَّ ويكون التقدير لا على قوله { وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين } قال الزجاج والأجود من الأقوال الأول وجاز أن يكون عطفاً على تأويل لكم لأن معنى قوله ولكم فيها معايش أعشناكم ومن لستم له برازقين أي رزقناكم ومن لستم له برازقين وإن من شيء من مزيدة وشيء مبتدأ وعندنا خبر له وخزائنه مرفوع بالظرف لأن الظرف جرى خبراً على المبتدأ لا خلاف في هذا بين سيبويه والأخفش.

السابقالتالي
2 3