الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ }

اللغة: التذكير التعريض للذكر الذي هو خلاف السهو والصبّار كثير الصبر. الإعراب: أنْ أخْرِجْ يحتمل أن تكون أنْ بمعنى أي على وجه التفسير ويصلح أن تكون أن التي توصل بالأفعال إلا أنها وصلت ها هنا بالأمر والتأويل الخبر كما تقول أنت الذي فعلت والمعنى أنت الذي فعل { يسومونكم سوء العذاب } جملة في موضع الحال. المعنى: ثم بيَّن سبحانه أنه إنما يرسل الرسل إلى قومهم بلغتهم ليكون أقرب إلى الفهم وأقطع للعذر فقال { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } أي لم يرسل فيما مضى من الأزمان رسولاً إلا بلغة قومه حتى إذا بيَّن لهم فهموا عنه ولا يحتاجون إلى من يترجمه عنه وقد أرسل الله تعالى نبينا محمداًً صلى الله عليه وسلم إلى الخلق كافة بلسان قومه وهم العرب بدلالة قوله:وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً } [فصلت: 4]. قال الحسن: امتن الله على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم يبعث رسولاً إلا إلى قومه وبعثه خاصة إلى جميع الخلق وبه قال مجاهد وقيل: إن معناه أنا كما أرسلناك إلى العرب بلغتهم لتبين لهم الدين ثم إنهم يبينونه للناس كذلك أرسلنا كل رسول بلغة قومه ليظهر لهم الدين ثم استأنف فقال { فيضل الله من يشاء } عن طريق الجنة إذا كانوا مستحقين للعقاب { ويهدي من يشاء } إلى طريق الجنة وقيل بلطف لمن يشاء ممن له لطف ويضل عن ذلك من لا لطف فمن تفكر وتدبر اهتدى وثبته الله ومن أعرض عنه خذله الله. { وهو العزيز الحكيم } ظاهر المعنى ثم ذكر سبحانه إرساله موسى فقال { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } أي بالمعجزات والدلالات { أن أخرج قومك } أي بأن أخرج قومك { من الظلمات إلى النور } مرَّ معناه أي أمرناه بذلك وإنما أضاف الإخراج إليه لأنهم بسبب دعائه خرجوا من الكفر إلى الإِيمان { وذكِّرهم بأيام الله } قيل فيه أقوال أحدها: أن معناه وأمرناه بأن يذكر قومه وقائع الله في الأمم الخالية وإهلاك من أهلك منهم ليحذروا ذلك عن ابن زيد والبلخي ويعضده قول عمرو بن كلثوم:
وَأَيـَّـامٍ لَنـا غُـــرٍّ طِوالٍ   عَصَيْنَا المَلْكَ فيها أنْ نَدِينا
فيكون المعنى الأيام التي انتقم الله فيها من القرون الأولى والثاني: أن المعنى ذكرهم بنعم الله سبحانه في سائر أيامه عن ابن عباس وأبي بن كعب والحسن ومجاهد وقتادة وروي ذلك عن أبي عبد الله ع والثالث: أنه يريد بأيام الله سننه وأفعاله في عباده من إنعام وانتقام وكنّى بالأيام عنهما لأنها ظرف لهما جامعة لكل منهما عن أبي مسلم وهذا جمع بين القولين المتقدمين. { إن في ذلك } التذكير { لآيات لكل صبار شكور } أي دلالات لكل من كان عادته الصبر على بلاء الله والشكر على نعمائه وإنما جمع بينهما لأن حال المؤمن لا يخلو من نعمة يجب شكرها أو محنة يجب الصبر عليها فالشكر والصبر من خصال المؤمنين فكأنه قال لكل مؤمن ولأن التكليف لا يخلو من الصبر والشكر.

السابقالتالي
2