الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ }

اللغة: الإحلال وضع الشيء في محل إما بمجاورة إن كان من قبيل الأجسام أو بمداخلة إن كان من قبيل الإعراض والبوار الهلاك يقال الشيء يبور بوراً إذا هلك ورجل بور أي هالك وقوم بور أيضاً قال ابن الزبعرى:
يا رَسُولَ المَلِيكِ إنَّ لِسانِي   راتِــقٌ ما فَتَقْـتَ إذْ أَنا بُورُ
والأنداد الأمثال المنادُّون قال:
تُهْدى رُؤوسُ الْمتْرفين الأنْدادْ   إلى أميـر الْمُؤمنــين المُمْـتادْ
الإعراب: جهنم انتصب على البدل من قوله: { دار البوار } و { يصلونها } في موضع نصب على الحال من قومهم وإن شئت كان حالا ًمن جهنم وإن شئت فمنهما كقوله: { تحمله } بعد قوله:فأتت به قومها } [مريم: 27]. المعنى: لما قدّم سبحانه ذكر الكلمة الطيبة عقّبه بذكر ما يحصل لصاحبها من المثوبة والكرامة فقال: { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } أي يثبتهم في كرامته وثوابه بالقول الثابت الذي وجد منهم وهو كلمة الإيمان لأنه ثابت بالحجج والأدلة وقيل معناه يثبت الله المؤمنين بسبب كلمة التوحيد وحرمتها في الحياة الدنيا حتى لا يزلوا ولا يضلوا عن طريق الحق ويثبتهم بها حتى لا يزلّوا ولا يضلّوا عن طريق الجنة وقيل معناه يثبتهم بالتمكين في الأرض والنصرة والفتح في الدنيا وبإسكانهم الجنة في الآخرة عن أبي مسلم. وقال أكثر المفسرين أن المراد بقوله: { في الآخرة } في القبر والآية وردت في سؤال القبر وهو قول ابن عباس وابن مسعود وهو المروي عن أئمتنا ع وروى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي بإسناده عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين علي ع قال: إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة مُثّل له ماله وولده وعمله فيلتفت إلى ماله فيقول والله إني كنت عليك لحريصاً شحيحاً فمالي عندك فيقول خذ مني كفنك فيلتفت إلى ولده فيقول والله إني كنت لكم لمحباً وعليكم لمحامياً فماذا لي عندكم فيقولون نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها. قال: فيلتفت إلى عمله فيقول والله إني كنت فيك لزاهداً وإن كنت علي لثقيلاً فماذا لي عندك فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك قال فإن كان لله ولياً أتاه أطيب الناس ريحاً وأحسنهم منظراً وأحسنهم رياشاً فقال أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ومقدمك خير مقدم فيقول له من أنت فيقول أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة وأنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله فإذا أدخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأنيابهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول الله ربي وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم فيقولان ثبتك الله فيما تحب وترضى وهو قوله سبحانه: { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } ثم يفسحان له في قبره مدّ بصره ثم يفتحان له باباً إلى الجنة ثم يقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم فإن الله يقول:

السابقالتالي
2