الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } * { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }

القراءة: في الشواذ قراءة الحسن وأدخِلُ الذين آمنوا برفع اللام. الحجة: قال ابن جني هذه القراءة على أن أدخل من كلام الله كأنه قطع الكلام واستؤنف فقال الله وأنا أدخل المؤمنين جنات وعلى هذا فقوله: { بإذن ربهم } أي بإذني إلا أنه أعاد ذكر الرب ليضيفه إليهم فيكون أذهب في الإكرام والتقريب منه لهم. اللغة: التحية التلقي بالكرامة في المخاطبة وأما قوله: { التحيات لله } فإن في ذلك ثلاثة أقوال أولها: المعنى أن الملك لله يقال حياك الله أي ملكك وثانيها: البقاء لله يقال حياك الله أي أبقاك الله فيكون بمعنى أحياك الله كما يقال وصى وأوصى ومهل وأمهل وثالثها: أن ذلك بمعنى السلام قال القتيبي وإنما جمع لأنه كان في الأرض ملوك يحيون بتحيات مختلفة فيقال لبعضهم أبيت اللعن ولبعضهم أسلم وأنعم ولبعضهم عش ألف سنة فقيل لنا قولوا التحيات لله أي كل الألفاظ التي يحيا بها الملوك هي لله والاجتثاث اقتلاع الشيء من أصله يقال جثه واجتثه والجثة أخذت منه. المعنى: لما تقدم وعيد الكافرين عقبه سبحانه بالوعد للمؤمنين فقال: { وأدخل الذين آمنوا } أي صدقوا الله ورسوله { وعملوا الصالحات } أي الطاعات { جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } قد سبق معناه: { بإذن ربهم } أي بأمر ربهم وإطلاقه: { تحيتهم فيها سلام } مرَّ تفسيره في سورة يونس. ثم ضرب الله سبحانه مثل يقرب من أفهام السامعين ترغيباً للخلق في اتباع الحق فقال: { ألم تر } أي ألم تعلم يا محمد { كيف ضرب الله مثلاً } أي بيَّن الله شبَهاً ثم فسَّر ذلك المثل فقال: { كلمة طيبة } وهي كلمة التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله عن ابن عباس وقيل هي أن كلام أمر الله تعالى به من الطاعات عن أبي علي قال وإنما سمّاها طيبة لأنها زاكية نامية لصاحبها بالخيرات والبركات { كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء } أي شجرة زكية نامية راسخة أصولها في الأرض عالية أغصانها وثمارها في السماء وأراد به المبالغة في الرفعة والأصل سافل والفرع عال إلا أنه يتوصل من الأصل إلى الفرع. وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن هذه الشجرة الطيبة هي النخلة " وقيل إنها شجرة في الجنة عن ابن عباس وروى ابن عقدة عن أبي جعفر ع أن الشجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرعها علي ع وعنصر الشجرة فاطمة وثمرتها أولادها وأغصانها وأوراقها شيعتنا. ثم قال ع إن الرجل من شيعتنا ليموت فيسقط من الشجرة ورقة وإن المولود من شيعتنا ليولد فيورق مكان تلك الورقة ورقة وروي عن ابن عباس قال قال جبريل ع للنبي صلى الله عليه وسلم أنت الشجرة وعلي غصنها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها وقيل أراد بتلك شجرة هذه صفتها وإن لم يكن لها وجود في الدنيا لكن الصفة معلومة وقيل إن المراد بالكلمة الطيبة الإيمان وبالشجرة الطيبة المؤمن.

السابقالتالي
2