الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } * { وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ } * { يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } * { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ }

القراءة: في الشواذ قراءة ابن عباس ومجاهد وابن محيصن واستفتِحوا وقراءة ابن أبي إسحاق في يوم عاصف بالإِضافة. الحجة: قوله: { واستفتحوا } معطوف على ما سبق من قوله: { فأوحى إليهم ربهم } أي وقال لهم استفتحوا أي استنصروا الله عليهم واستقضوه بينكم وفي الحديث كان صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين أي يستنصر بهم وقيل معناه أنه يقدمهم ويبدأ أمره بهم وكأنهم إنما سموا القاضي فتاحاً لأنه يفتح باب الحق الذي هو منسد فيعمل عليه وأما قولـه: { في يوم عاصف } فمعناه في يوم ريح عاصف فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه وكذلك في قراءة الجماعة في يوم عاصف هو الريح لا اليوم. اللغة: الاستفتاح طلب الفتح بالنصر. والخيبة إخلاف ما قدر به المنفعة وضده النجاح وهو إدراك الطلبة والجبرية طلب علو المنزلة بما ليس له غاية في الوصف وإذا وصف العبد بأنه جبار كان ذماً وإذا وصف الله سبحانه به كان مدحاً لأن له علو المنزلة بما ليس وراءه غاية في الصفة والعنيد مبالغة العانئد والعناد الامتناع من الحق مع العلم به كبراً وبغياً قال:
إذا نزلتُ فَاجْعَلاني وَسَطا   إنّي كَبِيــرٌ لا أُطِيـقُ الْعُنَّدا
والوراء والخلف واحد وهو الجهة المقابلة لجهة القدام وقد يكون وراء بمعنى قدام قال:
أَيَرْجُو بَنُو مَرْوانَ سَمْعي وَطاعَتي   وَقَوْمـِـي تَميــم وَالْفَــلاةُ وَرائِيـــــا
قال الزجاج الوراء ما يوارى عنك وليس من الأضداد قال النابغة:
حَلَفْتُ وَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِي رِيبَةً   وَلَيْسَ وَراءَ اللهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ
والصديد القيح يسيل من الجرح أخذ من أنه يُصد عنه تكرهاً له والقيح دم مختلط بمِدَّة وقولـه: { صديد } بيان الماء الذي يسقون فلذلك أعرب بإعرابه. والتجرع تناول المشروب جرعة جرعة على الاستمرار والإِساغة إجراء الشراب في الحلق يقال ساغ الشيء وأسغته أنا والاشتداد الإِسراع بالحركة على عظم القوة يقال اشتد به الوجع من هذا لأنه أسرع إليه على قوة ألمه ويوم عاصف شديد الريح والعصف شدة الريح وإنما جعل العصف صفة لليوم يقع فيه كما يقال ليل نائم ويوم ماطر ويجوز أن يكون المراد يوم عاصف ريحه ومثله جحر ضب خرب أي خرب جحره. الإِعراب: أو في قوله: { أو لتعودن } بمعنى إلا أن كما يقال لا أكلمك أو تدعوني وقال الفراء لا يكاد يستعمل فيما يقع وفيما لا يقع فما يقع مثل قولـه:ولا يكاد يسيغه } [إبراهيم: 17] وما لم يقع مثل قوله:لم يكد يراها } [النور: 40] لأن المعنى لم يرها. مثل الذين كفروا تقديره فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا بربهم فيكون رفعاً بالإبتداء ويجوز أن يكون مثل مقحماً كأنك قلت الذين كفروا بربهم فيكون رفعاً بالابتداء وأعمالهم رفع على البدل وهو بدل الاشتمال وكرماد الخبر.

السابقالتالي
2 3