الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } * { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } * { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }

اللغة: التأذن الإعلام يقال أذن وتأذن ومثله أوعد وتوعد قال الحاث بن حلزة:
آذَنْتَنَــا بِبَيْنـِها أسْمــاءُ   رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّواءُ
والنبأ الخبر عما يعظم شأنه لهذا الأمر نبأ عظيم أي شأن ونبأ الله محمداً وتنبأ مسيلمة الكذاب ادعى النبوة والريب أخبث الشك والمريب المتهم وهو الذي يأتي بما فيه التهمة يقال أراب يريب إذا أتى بما يوجب الريبة. الإِعراب: قوم نوح وما بعده مجرور بأنه بدل من قوله الذين من قبلكم وفاطر مجرور بأنه صفة لله في قوله أفي الله شك ومن في قوله من ذنوبكم للتبعيض وقيل إن من زائدة عن أبي عبيدة وأنكر سيبويه زيادتها في الإِيجاب. المعنى: لما تقدَّم ذكر النعمة أتبعه سبحانه بذكر ما يلزم عليها من الشكر فقال { وإذ تأذن ربكم } التقدير واذكر إذ أعلم ربكم عن الحسن والبلخي وقيل معناه وإذ قال لكم ربكم عن ابن عباس وقيل أخبر ربكم عن الجبائي { لئن شكرتم لأزيدنكم } أي لئن شكرتم لي على نعمي لأزيدنكم في النعم { ولئن كفرتم } أي جحدتم نعمتي { إن عذابي لشديد } لمن كفر نعمتي وقال أبو عبد الله ع في هذه الآية أيما عبد أنعمت عليه نعمة فأقر بها بقلبه وحمد الله عليها بلسانه لم ينفذ كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة. { وقال موسى إن تكفروا } أي تجحدوا نعم الله سبحانه { أنتم ومن في الأرض جميعاً } من الخلق لم تضروا الله شيئاً وإنما يضركم ذلك بأن تستحقوا عليه العقاب { فإن الله } سبحانه { لغني } عن شكركم { حميد } في أفعاله وقد يكون كفر النعمة بأن يشبه الله بخلقه أو يجور في حكمه أو يرد على نبي من أنبيائه فإن الله سبحانه قد أنعم على خلقه في جميع ذلك بأن أقام الحجج الواضحة والبراهين الساطعة على صحته وعرض بالنظر فيها للثواب الجزيل. { ألم يأتكم } قيل إن هذا الخطاب متوجه إلى أمة نبينا صلى الله عليه وسلم فذكرت بأخبار من تقدمها من الأمم وقيل إنه من قول موسى ع لأنه متصل به في الآية المتقدمة والمعنى ألم يجئكم { نبأ الذين من قبلكم } أي أخبار من تقدمكم { قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله } أي لا يعلم تفاصيل أحوالهم وعددهم وما فعلوا وفعل بهم من العقوبات إلا الله قال ابن الأنباري إن الله تعالى أهلك أمماً من العرب وغيرها فانقطعت أخبارهم وعفت آثارهم فليس يعرفهم أحد إلا الله وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال كذب النسابون وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يجاوز في انتسابه معد بن عدنان فعلى هذا يكون قوله والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله مبتدأ وخبراً.

السابقالتالي
2 3