الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } * { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } * { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }

القراءة: في الشواذ قراءة أبي البرهسم له معاقيب من بين يديه ورقباء من خلفه يحفظونه بأمر الله وروي عن أبي عبد الله ع له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله وروي عن علي ع وابن عباس وعكرمة وزيد بن علي يحفظونه بأمر الله. الحجة: يجب أن يكون معاقيب تكسير مُعَقَّبَه غير أنه لما حذف أحد القافين عوض منها الياء وقوله يحفظونه بأمرالله فمعناه يحفظونه مما يحاذره بأمر الله والمفعول هنا محذوف قال ابن جني وأما قراءة الجماعة يحفظونه من أمر الله فتقديره له معقبات من أمر الله يحفظونه مما يخافه فمِن على هذا مرفوعة الموضع لأنها صفة للمرفوع الذي هو معقبات وليس هذا على معنى يحفظونه من أمر الله أن ينزل به لأنه لو كان كذلك لكانت منصوبة الموضع كقولك حفظت زيداً من الأسد. والذي ذكرته رأي أبي الحسن فإن قلت فهلا كان تقديره على يحفظونه من أمر الله بأمر الله ويستدل على إرادة الباء هنا بقراءة علي ع يحفظونه بأمر الله وجاز أن يكون يحفظونه بأمر الله لأن هذه المصائب كلها في علم الله وبإقداره فاعليها عليها فيكون هذا كقولك هربت من قضاء الله بقضاء الله وقيل تأويل أبي الحسن أذهب في الاعتداد عليهم وذلك لأنه سبحانه وكَّل بهم من يحفظهم من حوادث الدهر ومخاوفه التي لا يعتد عليهم بتسليطها عليهم فهذا أسهل طريقاً وأرسخ في الاعتداد بالنعمة عليهم عرفاً. اللغة: الغيض ذهاب المائع في جهة العمق وغاضت المياه نقصت وغيَّضْتُه نقصته قال:
غيَّضْن مِن عبراتِهِنَّ وقُلْن لي   مــاذا لَقَيـْـتَ مِنَ الهَوى وَلَقينا
المتعالي والعالي واحد وتعالى أي جلَّ عن كل ثناء وقيل المتعالي المقتدر على وجه يستحيل أن يساويه غيره والسارب الساري الجاري بسرعة والسَرَب بفتح السين والراء الماء السائل من المزادة قال ذو الرمة:
ما بالُ عَيْنِيكَ مِنْها الماءُ يَنْسَكِبُ   كَأَنَّهُ مِنَ كلـى مَفْــرِيَّةٍ سَـرِبُ
وقيل السارب الذاهب في الأرض ومنه قول قيس بن الخطيم:
إني سربت وكنت غير سروب   
ويقال خلَّ سربه أي طريقه والمعقبات المتناوبات التي يخلف كل واحد منها صاحبه ويكون بدلاً منه وأصل التعقيب أن يكون الشيء عقيب آخر والمعقب الطالب دينه مرة بعد مرة قال الشاعر:
حَتّى تَهَجَّر في الرَّواح وَهاجَها   طَلَـبُ الْمُعَقِّــبِ حَقَّــه المَظْلُومُ
ومنه العِقاب لأنه يستحق عقيب الجرم والعقاب لأنها تعقب الصيد تطلبه مرة بعد مرة. وقيل إن واحد المعقبات معقب والجمع معقبة ومعقبات جمع الجمع كما قالوا رجالات عن الفراء. الإعراب: ما في قوله ما تحمل وما تغيض وما تزداد استفهامية وموضعها نصب بالفعل الذي بعدها معناه أيّ شيء تحمل والجملة معلقة بيعلم قال الزجاج سواء منكم من أسرَّ القول ومن جهر به موضع من رفع بسواء وكذلك من الثانية يرتفعان جميعاً بسواء لأن سواء يطلب اثنين تقول سواء زيد وعمرو في معنى ذو سواء لأن سواء مصدر فلا يجوز أن يرتفع ما بعده إلا على الحذف تقول عدل زيد وعمرو والمعنى ذو عدل زيد وعمرو لأن المصادر ليست بأسماء الفاعلين وإنما ترفع الأسماء أوصافها فإذا رفعتها المصادر فهي على الحذف كما قالت الخنساء:

السابقالتالي
2 3 4