الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } * { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } * { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ }

القراءة: في الشواذ قراءة الأعرج شديد المحال بفتح الميم وقراءة أبي مجلز بالغدو والإيصال. الحجة: قال ابن جني المحال مفعل من الحيلة قال أبو زيد يقال ما له حيلة ولا محالة فيكون تقديره شديد الحيلة وتفسيره قولـه سبحانهسنستدرجهم من حيث لا يعلمون } [الأعراف: 182 القلم: 44] وقوله:ومكروا ومكر الله } [آل عمران: 54] والإيصال مصدر آصلنا أي دخلنا في وقت الأصيل ونحن موصلون. اللغة: يقال أراه يريه إراءة وهو أن يجعله على صفة الرؤية بإظهار المرئي له أو يجعله على صفة يرى والسحاب جمع سحابة ولذلك قال الثقال ولو قيل الثقيل لجاز والصواعق جمع صاعقة وهي نار تسقط من السماء والرعد والبرق ذكرنا معناهما في أول البقرة والمحال الأخذ بالعقاب ها هنا فقال ماحله مماحلة ومحالاً إذا قاواه حتى يتبين أيّهما أشد ومحلت به محلاً قال الأعشى:
فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ الْمَجْــ   ــدِ غَزِيرِ النــَّدىَ شَديــدِ المِحـالِ
والاستجابة والإجابة بمعنى غير أن في الاستجابة معنى الطلب قال:
فَلَم يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذاكَ مُجِيبُ   
والظلال جمع الظل وهو ستر الشخص ما بإزائه والظل الظليل وهو ستر الشمس اللازم وأما الفيء فهو الذي يرجع بعد ذهاب ضوئه ومنه الظلة لسترها والآصال جمع أصُل وأُصُل جمع أصيل فهو جمع الجمع مأخوذ من الأصل فكأنه أصل الليل الذي ينشأ منه وهو ما بين العصر إلى مغرب الشمس وقد يقال في جمعه أصائل قال أبو ذؤيب:
لَعَمْري لأنْتَ الْبَيْت أكْرَمُ أهْلِهِ   وَأقْعَـدُ فــي أفْنـائِـهِ بِالأصائِلِ
الإعراب: خوفاً وطمعاً لا ينتصبان على الغرض لأن ما ينتصب لذلك يجب أن يكون فاعله وفاعل الفعل الأول واحداً وها هنا الخائف والطامع ليسا بالذي يرى البرق وهما في قوله يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ينتصبان على الغرض لأن الخائف والطامع هناك هو الداعي فاعلمه فإنه جيد مفيد والمعنى ها هنا يخوّفكم بما يريكم خوفاً ويطمعكم طمعاً فالمصدر وقع موقع الحال وهم يجادلون في الله جاز أن تكون هذه الواو والحال أي يصيب بها من يشاء في حال جدالهم في الله لأنه جاء في التفسير أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجادله فقال يا محمد ممَّ ربك أمن نحاس أم من حديد أم من لؤلؤ أم من ياقوت أم من ذهب أم من فضة؟ فأرسل الله عليه صاعقة ذهب بِقحْفِه وهو قول أنس بن مالك ومجاهد. ويجوز أن يكون لما تمم الله أوصاف ما يدل على توحيده وقدرته قال بعد ذلك وهم يجادلون والكاف من قوله كباسط كفيه يتعلق بصفة مصدر تقديره إلا استجابة كائنة كاستجابة باسط كفيه إلى الماء هذا إذا كان الكاف حرفاً إذا كان اسماً محضاً فالتقدير إلا استجابة مثل استجابة باسط كفيه إلى الماء فلا يكون في الكاف ضمير أي كما يستجيب الماء باسط كفيه إليه واللام في قوله ليبلغ فاه يتعلق بباسط كفيه وما هو ببالغه أي ما الماء ببالغ فاه وقيل ما فوه ببالغ الماء وقيل ما باسط كفيه إلى الماء ببالغ الماء وطوعاً وكرهاً مصدران وضعا موضع الحال.

السابقالتالي
2 3 4