الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } * { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيْرَ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } * { قَالُواْ تَاللهِ تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ } * { قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ }

القراءة: في الشواذ قراءة ابن عباس سُرق بضم السين وتشديد الراء وكسرها وقراءة الحسن وقتادة وعمر بن عبد العزيز من روح الله بضم الراء. الحجة: معنى سُرِّق بضم السين نسب إلى السرقة فيكون من باب فسَّقه وفَجَّره وشَجَّعه إذا نسبه إلى هذه الخلال وأما رُوح الله فيمكن أن يكون من الروح الذي هو من عند الله وبلطفه وهدايته ونعمته. اللغة: القرية الأرض الجامعة لمساكن كثيرة وأصله من القري وهو الجمع. يقال: قريت الماء في الحوض ونظيره البلدة والمدينة، والعير قد مضى ذكر معناه، والكظم اجتراع الحزن وهو أن يمسكه في قلبه ولا يبثّه إلى غيره. ويقال: ما زلت أفعل كذا وما فُتِئْتُ أفعله أفْتأُ فَتْأً. قال أوس بن حجر يصف حرباً:
فَما فَتَأَتْ خَيْلُ تَثُوبُ وتَدَّعي   وَيَلْحَـــقُ مِنْها لا حِقٌ وتَقَطَّعُ
والحرض المشرف على الهلاك. يقال: رجل حرض وحارض أي فاسد في جسمه وعقله ومنه حرضته على كذا أمرته به لأنه إذا خالف الأمر فكأنه هلك وأحرضه أي أفسده. قال العرجي:
إنِّي امْرؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فأَحْرَضنِي   حَتّـى بَلَيْتُ وحَتّى شَفَّني السَّقمُ
والحرض لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر والشكوى صفة ما عنده من البلوى. يقال: شكوته إلى فلان شكوى وشكاية وشكواء فأشكاني أي أعتبني من شكواي وأشكاني أيضاً أخرجني إلى الشكوى، والبث الهم الذي لا يقدر صاحبه على كتمانه فيبثه أي يفرقه وكل شيء فرقته فقد بثثته ومنه قولهوبث فيها من كل دابة } [البقرة: 164] والتحسس طلب الشيء بالحاسة والتجسس نظيره وفي الحديث " لا تحسسوا ولا تجسسوا " وقيل: إن معناها واحد ونسق أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظتين كقول الشاعر:
متـــى أدن منـــه ينــأ عنـــي ويبعــــد   
وقيل: التجسس بالجيم البحث عن عورات الناس وبالحاء الاستماع لحديث قوم وسئل ابن عباس عن الفرق بينهما. قال: لا يبعد أحدهما عن الآخر التحسس في الخير والتجسس في الشر والروح والراحة والروح الرحمة وأصل الباب من الريح التي تأتي بالرحمة. الإِعراب: اسأل القرية أي أهل القرية وأهل العير فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه يا أسفي معناه يا حسرتي والأصل يا أسفي إلا أن ياء الإِضافة يجوز أن يبدل الفاء لخفة الألف والفتحة ويجوز أن يكون ألف الندبة ويكون معناه لبيان أن الحال حال حزن فكأنه قال يا أسف هذا من أوانك وقولـه على يوسف من صلة المصدر تفتأ معناه لا تفتأ حذف حرف النفي لعلم السامع به كما في قول امرئ القيس:
فَقُلْــتُ يَمِيــنُ اللَّـهِ أَبْــرَحُ قاعِــداً   وَلَوْ ضَرَبُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصالي
وإنما جاز ذلك لأنه لا يجوز في القسم تالله تفعل حتى تقول تالله لتفعلن أو تقول لا تفعل. المعنى: ثم أخبر سبحانه أنه قال كبيرهم في السن أو في العلم { ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق } في الظاهر { وما شهدنا } عندك بهذا { إلا بما علمنا } أي بما شهدنا من أن الصاع استخرج من رحله في الظاهر وبيّن بهذا انهم لم يكونوا قاطعين على أنه سرق.

السابقالتالي
2 3 4