الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } * { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }

القراءة: قرأ يكتل بالياء أهل الكوفة غير عاصم والباقون بالنون وقرأ خير حافظاً بالألف أهل الكوفة غير أبي بكر والباقون حفظاً بغير ألف وفي الشواذ قراءة علقمة ويحيى ردت إلينا بكسر الراء. الحجة: قال أبو علي: يدل على النون في نكتل قولـه { ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير } ألا ترى أنهم إنما يميرون أهلهم بما يكتالون فيكون نكتل مثل نمير وأيضاً فإذا قالوا نكتل جاز أن يكون أخوهم داخلاً معهم وإذا كان بالياء لم يدخلوهم فيه وزعموا أن في قراءة عبد الله نكتل بالنون وكان النون لقولهم منع منا الكيل لغيبَة أخينا فأرسله نكتل ما منعناه لغيبته ووجه الياء أنه يكتل حمله كما نكتال نحن أحمالنا ووجه من قرأ خير حفظاً أنه قد ثبت من قوله { ونحفظ أخانا } وقولـه { وإنا له لحافظون } أنهم قد أضافوا إلى أنفسهم حفظاً فالمعنى على الحفظ الذي نسبوه الى أنفسهم وإن كان منهم تفريط في حفظهم ليوسف كما أن قولـه { أين شركائي } لم يثبت لله شريكاً وإنما المعنى على الشركاء الذين نسبتموهم إليَّ فكذلك المعنى على الحفظ الذي نسبوه إلى أنفسهم وإن كان منهم تفريط فيه. فإذا كان كذلك كان المعنى فالله خير حفظاً من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم وإن كان منكم فيه تفريط وإضافة خير إلى حفظ محال ولكن تقول حفظ الله خير من حفظكم ومن قرأ حافظاً فيكون خافظاً منتصباً على التمييز دون الحال كما كان حفظاً كذلك ولا يستحيل الإضافة في فالله خير حافظ وخير الحافظين كما يستحيل في خير حفظاً فإن قلت: فهل كان ثم حافظ كما ثبت أنه كان حفظ لما قدمته فالقول أنه قد ثبت أنه كان ثم حافظ لقولـه { وإنا له لحافظون } ولقوله { يحفظونه من أمر الله } فتقول حافظ الله خير من حافظكم كما كان حفظ الله خير من حفظكم لأن الله سبحانه حافظه كما أن له حفظاً فحافظه خير من حافظكم كما كان حفظه خيراً من حفظكم. وتقول: هو أحفظ حافظ كما تقول هو أرحم راحم لأنه سبحانه من الحافظين كما كان من الراحمين. وأما قولـه { ردت } فإن فُعِلَ من المضاعف والمعتل العين يجيء على ثلاثة أوجه عندهم: لغة فاشية وأخرى تليها وثالثها قليلة فأقوى اللغات في المضاعف ضم أوله كشد وعد ورد ثم يليه الإشمام: وهو بين ضم الأول وكسره، ثم قولـه شِدَّ ورِدَّ باخلاص الكسرة وهو الأقل وأقوى اللغات في المعتل العين كسر أوله نحو قيل وبيع ثم يليه الإشمام بين الضمة والكسرة والثالثة إخلاص الضمة نحو قول وبوع وأنشد لذي الرمة:
دَنَــــا الْبَيْنُ مِنْ مَيٍّ فَرِدَّتْ جِمالُها   وُهَاجَ الهَوى تَقْويضُها وَاحْتِمالُها

السابقالتالي
2 3