الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيۤ أَرَانِيۤ أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ ٱلآخَرُ إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيۤ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }

اللغة: قال الزجاج: كانوا يسمون المملوك فتى فجائز أن يكون الفتيان حدثين أو شيخين وقال غيره يقال للعبد فتى وللأمة فتاة وفي الحديث: " لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي ولكن فتاي وفتاتي " والتأويل الخبر عما حضر بما يؤول إليه أمره فيما غاب ولذلك. قال: قبل أن يأتيكما تأويل القرآن ما يؤول إليه من المعنى أي يرجع إليه والتعليم تفهيم الدلالة المؤدية إلى العلم بالمعنى وقد يكون الإعلام بالمعنى في القلب والاتباع اقتفاء الأثر وهو طلب اللحاق بالأول. الإعراب: هم الثانية دخلت للتوكيد لأنه لما دخل بينهما قولـه { بالآخرة } صارت الأولى كالملغاة وصار الاعتماد على الثانية كما قال:وهم بالآخرة هم يوقنون } [لقمان: 4] وكما قال:أيعدكم أنكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون } [المؤمنون: 35]. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن حال يوسف ع في الحبس فقال: { ودخل معه السجن فتيان } والتقدير فسجن يوسف ودخل معه السجن فتيان أي شابان حدثان. وقيل: إنهما مملوكان لملك مصر الأكبر واسمه وليد بن ريان وكان أحدهما صاحب شرابه والآخر صاحب طعامه فنمى إليه أن صاحب طعامه يريد أن يسمه وظن أن الآخر ساعده على ذلك ومالأه عليه عن قتادة والسدي { قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً } هو من رؤيا المنام كان يوسف ع لما دخل السجن قال لأهله: إني أعبر الرؤيا فقال: أحد العبدين لصاحبه هلم فلنجرّبه فسألاه من غير أن يكونا رأياً شيئاً عن ابن مسعود. وقيل: بل رؤياهما على صحة وحقيقة ولكنهما كذبا في الإنكار عن مجاهد والجبائي. وقيل: إن المصلوب منهما كان كاذباً والآخر صادقاً عن أبي مجلز ورواه علي بن إبراهيم أيضاً في تفسيره عنهم ع والمعنى قال أحدهما: وهو الساقي رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته إياها وتقديره أعصر عنب خمر أي العنب الذي يكون عصيره خمراً فحذف المضاف قال الزجاج وابن الأنباري: العرب تسمي الشيء باسم ما يؤول إليه إذا وضح المعنى ولم يلتبس يقولون فلان يطبخ الآجر ويطبخ الدبس وإنما يطبخ اللبن والعصير. وقال قوم: إن بعض العرب يسمون العنب خمراً حكى الأصمعي عن المعتمر بن سليمان أنه لقي أعرابياً معه عنب فقال له ما معك قال خمر: وهو قول الضحاك فيكون معناه إني أعصر عنباً وروي في قراءة عبد الله وأبي جميعاً إني رأيتني أعصر عنباً. { وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه } معناه وقال صاحب الطعام: إني رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز وألوان الأطعمة وسباع الطير تنهش منه { نبئنا بتأويله } أي أخبرنا بتعبيره وما يؤول إليه أمره { إنا نراك من المحسنين } أي تؤثر الإحسان والأفعال الجميلة قال الضحاك: كان إذا ضاق على رجل مكانه وسع له وإن احتاج جمع له وإن مرض قام عليه وهو المروي عن أبي عبد الله ع.

السابقالتالي
2