الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } * { قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ }

القراءة: روي عن علي ع وعن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام وعن الحسن بخلاف، ويحيى بن يعمر وقتادة بخلاف، ومجاهد بخلاف وابن محيصن قد شعفها بالعين وروي عن أبي جعفر متكاً بغير همز مشدد التاء والباقون متكأ بالهمزة والتشديد، وروي في الشواذ قراءة مجاهد متكا خفيفة ساكنة التاء وروي ذلك عن ابن عباس وقرأ أبو عمر وحاشى لله والباقون حاش لله وروي عن ابن مسعود وأبي كعب حاش الله وعن الحسن حاش الإله وفي رواية أخرى عنه حاش لله بسكون الشين وقرأ يعقوب وحده السَجن أحب إلي بفتح السين والباقون بكسرها. الحجة: قال الزجاج: معنى شعفها بالعين ذهب بها كل مذهب مشتق من شعفات الجبال أي رؤوس الجبال يقال: فلان مشعوف بكذا أي قد ذهب به الحب أقصى المذاهب وقال ابن جني: معناه وصل حبه إلى قلبها فكاد يحرقه لحدته وأصله من البعير يهنأ بالقطران فتصل حرارة ذلك إلى قلبه قال امرؤ القيس:
لِتَقْتَلَنِـي وَقَــدْ شَعَفْــتُ فُــؤادَهـا   كَما شَعَفَ الْمَهْنوءَةَ الرَّجُلُ الطَّالي
وأما القراءة المشهورة شغفها بالغين فمعناه أنه خرق شغاف قلبها وهو غلافه فوصل إلى قلبها واما المتكأ فهو ما يتكأ عليه الطعام أو شراب أو حديث وأصله موتكأ مفتعل من وكات مثل مؤتزن من الوزن، وأما من قرأ مُتَّكاً فيجوز أن يكون مفتعلاً من قولـه:
إذا شَرِبَ الْمُرِضَّةَ قالَ أوْكي   عَلــى ما في سِقائِكَ قَدْ رَوينا
يقال أوكيت السقا إذا شددته وأما متكأ فإنهم قالوا المتك الأترج واحدته متكة. وقيل: هو الزماورد وأما حجة أبي عمرو في قوله حاشى لله فقول الشاعر:
حاشى أبـي ثَوْبــانَ إنَّ بِهِ   ضَنّا عَنِ المُلْحاةِ وَالشَّتْمِ
وقال أبو علي لا يخلو قولهم حاشى لله من أن يكون الحرف الجار في الاستثناء كما ذكرناه في البيت أو فاعلاً من قولهم حاشى يحاشي ولا يجوز أن يكون حرف الجر لأن حرف الجر لا يدخل على مثله ولأن الحرف لا يحذف إذا لم يكن فيها تضعيف فإذا بطل ذلك ثبت أنها فاعل مأخوذ من الحشاء الذي هو الناحية والمعنى أنه صار في حشاء أي في ناحية مما قذف به وفاعله يوسف والمعنى بعد عن هذا الذي رمي به لله أي لخوفه من الله ومراقبته أمره ومن حذف الألف فكما حذف من لم يك ولا أدر وإذا أريد به حرف الجر يقال: حاشاً وحاش وحشا ثلاث لغات قال الشاعر:
حَشا رَهْطِ النَّبِيِّ فإن فيهِم   بُحُـــوراً لا تُقَطّعُها الدِلاءُ
وأما من قرأ حاش الله فعلى أصل اللغة يكون حرف جرّ كما جاء في البيت:
حـــاشـــى أبــــــي ثــوبــــــان   
وأما حاش الإله فمحذوف من حاشا تخفيفاً وهو كقولك حاش المعبود ومنه قول الشاعر:

السابقالتالي
2 3 4 5 6