الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } * { قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } * { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

اللغة: الذئب أصله الهمز وإن خففت جاز وقراءة الكسائي وخلف وأبو جعفر وورش والأعشى واليزيدي بتخفيف الهمزة في المواضع الثلاث والباقون بالهمز، وجمع الذئب أذؤب وذائب وذؤبان وتذاءبت الريح أتت من كل جهة وحزنت وأحزنت لغتان والحزن ألم القلب بفراق المحبوب، والشعور إدراك الشيء بمثل الشعرة في الدقة ومنه المشاعر في البدن والمجيء والمصير إلى الشيء واحد وقد يكون المصير بالانقلاب كمصير الطين خزفاً وقد يكون بمعنى الانتقال والعشاء آخر النهار ومنه اشتق الأعشى لأنه يستضيء ببصر ضعيف ويقال العشاء أول ظلام الليل ويقال العشى من زوال الشمس إلى الصباح والعشاء من صلاة المغرب إلى العتمة والاستباق افتعال من السبق واستبقا تبادرا حتى يظهر الأقوى ومنه المسابقة وهو على ثلاثة أوجه سباق بالرمي وذلك جائز بالاتفاق وسباق على الخيل والإبل وذلك جائز عندنا وسباق على الأقدام وذلك غير جائز بعوض وبه قال الشافعي وعند أبي حنيفة يجوز بعوض وبلا عوض وبه قال قوم من أصحابنا وكذلك القول في الصراع ودم كذب أي مكذوب فيه وهو مصدر وصف به. وقيل: إن تقديره بدم ذي كذب قال الفراء: يجوز أن يقع المصدر موقع المفعول كما يقع المفعول موقع المصدر في مثل قول الشاعر:
حَتّى إِذا لَمْ يَتْرُكُوا لِعِظامِهِ   لَحْمــاً وَلا لِفُــؤادِهِ مَعْقُولا
ولم يجزه سيبويه. وقال المفعول: لا يكون مصدراً ويتأول قولهم خذ ميسورة ودع معسورة. وقال: يعني به خذ ما يسر له ودع ما عسر عليه وكذلك ليس لفؤاده معقول أي ما يعقل به وروي عن عائشة أنها قرأت بدم كدب بالدال أي دم طري والتسويل تزيين النفس ما ليس بحسن. وقيل: هو تقدير معنى في النفس على الطمع في تمامه. الإعراب: اللام في قوله { لئن } هي اللام التي يتلقى بها القسم { وإنا إذاً لخاسرون } جواب القسم فلما ذهبوا به جواب لما محذوف وتقديره عظمت فتنتهم أو كبر ما قصدوا له والكوفيون يقولون: الواو في وأجمعوا مقحمة وتقديره أجمعوا ولا يجيز البصريون إقحام الواو وقالوا لم يثبت ذلك بحجة ولا قياس ومما أنشده الكوفيون في ذلك قول الشاعر:
حَتّى إِذا قَمِلَت بُطونُكُم   وَرَأَيْتُــم أَبْنــاءَكُمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتُــمُ ظَهْرَ المِجَنِّ لَنــا   إنَّ اللَّئِيــمَ العـاجزُ الخِبُّ
وقول امرئ القيس:
فَلَمّا أَجَزْنا ساحَةَ الحَيِّ وانْتَحى   بِنـا بَطْنُ خَبْتٍ ذي قفافٍ عَقَنْقَلِ
قالوا: أراد انتحى والبصريون يحملون الجميع على حذف الجواب وقولـه { يبكون } في موضع نصب على الحال وعشاء منصوب على الظرف وجائز أن يكون { وهم لا يشعرون } من صلة قولـه { لتنبئنهم } وجائز أن يكون من صلة { وأوحينا } أي نبَأناه بالوحي وهم لا يشعرون أنه نبي قد أوحي إليه ونستبق في موضع نصب على الحال وصبر جميل مرفوع على أحد وجهين على أنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره فشأني صبر جميل أو فصبري صبر جميل وهو قول قطرت أو على أنه مبتدأ محذوف الخبر والتقدير { فصبر جميل } أمثل وأنشد:

السابقالتالي
2 3 4 5