الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } * { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

القراءة: قرأ أبو جعفر والحلواني عن قالون لا تأمنّا مشددة النون بلا شمة وقرأ الباقون بالإشمام وهو الإشارة إلى النون المدغمة بالضمة وهو اختيار أبي عبيدة وقرأ أبو جعفر ونافع يرتع ويلعب بالياء فيهما وكسر العين من يرتع وقرأ ابن كثير نرتع ونلعب بالنون فيهما وكسر العين وقرأ أبو عمرو وابن عامر نرتع ونلعب بالنون فيهما وجزم العين وقرأ أهل الكوفة ورويس عن يعقوب يرتع ويلعب بالياء فيهما وجزم العين وقرأ روح وزيد عن يعقوب نرتع بالنون وجزم العين ويلعب بالياء وقد روي ذلك عن أبي عمرو وهو قراءة الأعرج وإبراهيم النخعي وفي الشواذ قراءة العلاء بن سيابة يرتع بالياء وكسر العين ويلعب رفعاً وقراءة أبي رجا يُرتع ويلعب. الحجة: قال الزجاج: يجوز في تأمنا أربعة أوجه إشمام النون مع الإدغام. الضم وهو الذي حكاه ابن مجاهد عن الفراء والإشعار بالضمة والإدغام من غير إشمام لأن الحرفين من جنس واحد وتأمنُنا بالإظهار ورفع النون الأولى لأن النونين من كلمتين وتئمناً بكسر التاء لأن ماضيه على فَعلَ كما قالوا تِعلم ونعلم وهي قراءة يحيى بن وثاب وهذه القراءة مخالفة للمصحف وإن كانت في العربية جائزة وأما قوله { يرتع ويلعب } فقد قال أبو علي قراءة من قرأ نرتع بالنون وكسر العين ويلعب بالياء حسن لأنه جعل الارتعاء والقيام على المال لمن بلغ وجاوز الصغر وأسند اللعب إلى يوسف لصغره ولا لوم على الصغير في اللعب والدليل على صغر يوسف قول إخوته { وإنا له لحافظون } ولو كان كبيراً لم يحتج إلى حفظهم ويدل على ذلك قول يعقوب وأخاف أن يأكله الذئب وإنما يخاف الذئب على من لا دفاع به من شيخ كبير أو من صبي صغير قال:
أصــْبَحْتُ لا أحْمِلُ السِّلاحَ وَلا   أمْـلِكُ رَأْسَ البَــعِيرِ إِنْ نَـفَرا
والذِّئْــبَ أخْشــاهُ إنْ مَــرَرْتُ بِهِ   وَحْدِي وَأخْشَى الرِّياحَ وَالمَطَرا
وأما الارتعاء فهو افتعال من رعيت مثل شويت واشتويت وكل واحد منهما متعد إلى مفعول به قال الأعشى:
تَرْتَعِي السَّفْحَ فَالكَثِيبَ فَذا قا   رٍ فَــرَوْضَ القَطا فَذاتَ الرِّمالِ
وقال آخر:
رَعَتْ بأرِضَ البُهْمَى جَمِيماً وَبُسرةً   وَصَمْــعَاءَ حَتّـى آنَفَتْـــها نِصـالُها
وقد يستقيم أن يقال نرتع وإنما ترتع إبلهم فيما قال أبو عبيدة: ووجه ذلك أنه كان الأصل يرتع إبلنا ثم حذف المضاف وأسند الفعل إلى المتكلمين فصار نرتع وكذلك نرتعي على يرتعي إبلنا ثم حذف المضاف فيكون نرتع. وقال أبو عبيدة: نرتع نلهو وقد تكون هذه الكلمة على غير معنى اللهو ولكن على معنى النيل من الشيء كقولهم في المثل الصيد والرتعة وكان على هذا النيل والتناول مما يحتاج إليه الحيوان وقد قال الأعشى:

السابقالتالي
2 3