الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } * { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ }

القراءة: قرأ ابن كثير { آية للسائلين } والباقون آيات وقرأ أهل المدينة غيابات الجب والباقون غيابة الجب وفي الشواذ قراءة الأعرج غيّابات مشددة وقراءة الحسن غيْبة الجب وقرأ أهل المدينة والكسائي مبين { اقتُلُوا } بضم التنوين والباقون بالكسر. الحجة: قال أبو علي من قرأ آية على الإفراد جعل شأنه كله آية ويقوّيه قولـهوجعلنا ابن مريم وأمّه } [المؤمنون: 50] فكل واحد منهما على انفراده يجوز أن يقال فيه آية فأفرد مع ذلك ومن جمع جعل كل حال من أحواله آية على أن المفرد المنكر في الإيجاب يقع دالاً على الكثرة كما يقع كذلك في غير الإيجاب قال الشاعر:
فَقَتْلاً بِتَقْتِيلٍ وَضَرْباً بِضَرْبِكُمْ   جَزاء العِطاش لا يَنامُ مِنَ الثَّأْرِ
وأما الغيابة فكل شي غيب شيئاً عن أبي عبيدة وأنشد:
فَــإِنْ أَنَـــا يَوْمــاً غَيَّبَتْنـــي غِيابَــةٌ   فَسِيرُوا بِسَيْري في العشِيرَةِ والأَهْلِ
والجب الركية التي لم تطو فمن أفرد فالوجه فيه أن الجب لا يخلو من أن يكون له غيابة واحدة أو غيابات وغيابة المفرد يجوز أن يعني به الجمع كما يعني به الواحد ومن جمع فإنه يجوز أن يكون له غيابة واحدة فجعل كل جزء منها غيابة كقولهم شابت مفارقه وبئر ذو غيابتين ويجوز أن يكون للبئر عدة غيابات فجمع لذلك وأما غيابات بالتشديد فيكون اسماً جاء على فعالة كما جاء التيار للموج والفياد للبوم الذكر والفخار للخزف وغير ذلك. وأما غيبة فيجوز أن يكون حدثاً على فعلة من غاب فيكون بمعنى الظلمة ويجوز أن يكون موضعاً على فعلة وأما من ضمَّ التنوين فلأنه التقى الساكنان التنوين والقاف في اقتلوا ولزم تحريك الأول منهما فحرَّكه بالضم ليتبع الضمة الضم كما قيل سُرُّ ومُدُّ ومن كسر التنوين فإنه لم يتبع الضم كما أن من قال مدُّ لم يتبع وكسر الساكن على ما يجري عليه أمرُ تحريكِ الساكن في الأمر الشائع. اللغة: الآية والعلامة والعبرة نظائر والعصبة الجماعة التي يتعصب بعضها لبعض ويقع على جماعة من عشرة إلى خمس عشر. وقيل: ما بين العشرة إلى الأربعين ولا واحد له من لفظه كالقوم والرهط والنفر والفرق بين المحبة والشهوة إن الإنسان يحب ولده ولا يشتهيه بأن يميل طبعه إليه ويرق عليه ويريد له الخير والشهوة منازعة النفس إلى ما فيه اللذة وإنما سمي البئر جباً لأنه قطع عنها ترابها حتى بلغ الماء من غير طي ومنه المجبوب قال الأعشى:
وَإِنْ كُنْتَ فِي جُبِّ ثَمانِينَ قامَةً   وَرَقِّيْتَ أسْبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ
وكل ما غيَّب شيئاً عن الحس بكونه فيه فهو غيابة فغيابة البئر شبه لحف أو طاق فَوق ماء البئر والسيارة الجماعة المسافرون لأنهم يسيرون في البلاد. وقيل: هم مارة الطريق والالتقاط تناول الشيء من الطريق ومنه اللقطة واللقيط ومعناه أن يجده من غير أن يحسبه وردت الماء التقاطاً إذا وردته من غير أن تحسبه.

السابقالتالي
2 3 4