الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

القراءة: قرأ أبو عمرو { أحد الله الصمد } بغير تنوين الدال من أحد وروي عنه ع أنه كان يقول { قل هو الله أحد } ثم يقف فإن وصل قال أحد الله وزعم أن العرب لم تكن تصل مثل هذا والباقون أحد الله بالتنوين وقرأ إسماعيل عن نافع وحمزة وخلف ورويس كُفْؤاً ساكنة الفاء مهموزة وقرأ حفص كُفُواً مضمومة الفاء مفتوحة الواو وغير مهموزة وقرأ الباقون كُفُؤاً بالهمزة وضم الفاء. الحجة: قال أبو علي: من قرأ أحدٌ الله فوجهه بين وذلك أن التنوين من أحد ساكن ولام المعرفة من الاسم ساكن فلما التقى الساكنان حرك الأول منهما بالكسر كما تقول اذهب اذهب ومن قال أحد الله فحذف النون فإن النون قد شابهت حروف اللين في الآخر في أنها تزاد كما يزدن وفي أنها تدغم فيهن كما يدغم كل واحد من الواو والياء في الآخر وفي أنها قد أبدلت منها الألف في الأسماء المنصوبة وفي الخفيفة فلما شابهت حروف اللين أجريت مجراها في أن حذفت ساكنة لالتقاء الساكنين كما حذف الألف والواو والياء لذلك في نحو رمى القوم ويغزو الجيش ويرمي القوم ومن ثم حذفت ساكنة في الفعل في نحو لم يك ولا تك في مرية فحذفت في أحد الله لالتقاء الساكنين كما حذفت هذه الحروف في نحو هذا زيد بن عمرو حتى استمرَّ ذلك في الكلام وأنشد أبو زيد:
فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتَبِ   وَلا ذاكِرَ اللهَ إلاَّ قَليلا
وقال الشاعر:
كَيْفَ نَوْمي عَلَى الْفِرَاشِ وَلَمَّا   تَشْمَــلِ اشَّامَ غَـــارةٌ شَعْواءُ
تُذْهِــلُ الشَّيْخَ عَنْ بَنِيهِ وَتُبْدِي   عَـــنْ خِــدامِ الْعَقيلَــةُ الْعذْراءُ
أما كفواً وكفواً فأصله الضم فخفف مثل طنب وطنب وعنق وعنق. اللغة: أحد أصله وحد فقلبت الواو همزة ومثله أناة وأصله وناة وهو على ضربين أحدهما: أن يكون اسماً والآخر: أن يكون صفة فالاسم نحو أحد وعشرون يريد به الواحد والصفة كما في قول النابغة:
كَأَنَّ رَحْلِي وَقَدْ زالَ النَّهارُ بِنا   بِذِي الْجَليلِ عَلى مُسْتَأَنِسٍ وَحَدِ
وكذلك قولهم واحد يكون اسماً كالكاهل والغارب ومنه قولهم واحد اثنان ثلاثة وتكون صفة كما في قول الشاعر:
فَقَــدْ رَجَعُــوا كَحَـيّ واحدِينــا   
وقد جمعوا أحداً الذي هو الصفة على أحد إن قالوا أحد وأُحدان شبَّهوه بسلق وسُلقان ونحوه قول الشاعر:
يَحْمِي الصَّرِيمَةَ أُحْدانُ الرِّجالِ لَهُ   صَيْــدٌ وَمُجْتَرِىءٌ بِاللَّيْلِ هَمَّــاسُ
فهذا جمع لأحد الذي يراد به الرفع من الموصوف والتعظيم له وأنه متفرد عن الشبه والمثل وقالوا هو أحد الأحد إذا رفع منه وعظم وقالوا أحد الأحدين وواحد الآحاد وحقيقة الواحد شيء لا ينقسم في نفسه أو في معنى صفته فإذا أطلق واحد من غير تقدم موصوف فهو واحد في نفسه وإذا أجري على موصوف فهو واحد في معنى صفته فإذا قيل الجزء الذي لا يتجزأ واحد أريد أنه واحد في نفسه وإذا قيل هذا الرجل إنسان واحد فهو واحد في معنى صفته وإذا وصف الله تعالى بأنه واحد فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها أحد غيره نحو كونه قادراً لنفسه عالماً حيّاً موجوداً كذلك والصمد السيد المعظم الذي يصمد إليه في الحوائج أي يقصد.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8