الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } * { وَيٰقَوْمِ أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } * { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } * { وَيٰقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِيۤ أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } * { وَٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } * { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } * { وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر أصلاتك بغير واو على التوحيد والباقون { أصلواتك } بالواو على الجمع وفي الشواذ قراءة السلمي { بعدت ثمود } بضم العين. الحجة: أما بعد فيكون في الخير والشر ومصدره البعد وبعد في الشر خاصة ومصدره البعد ومنه أبعده الله فإنه منقول من بعد لأنه دعاء عليه وقراءة السلمي متفقة الفعل مع مصدره وإنما السؤال عن قراءة الجماعة ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود وطريق ذلك أن يكون البعد بمعنى اللعنة فيكون أبعده الله بمعنى لعنه الله ومنه قوله:
ذَعَرْتُ بِهِ الْقَطا وَنَفَيْتُ عَنْهُ   مَقامَ الذِّئبِ كَالرَّجُـلِ اللَّعِــينِ
أي المبعد فالإبعاد للشيء نقص له فقد التقى معنى بعد معنى بعد من هنا. اللغة: الوزن تعديل الشيء بغيره في الخفة والثقل بآلة التعديل وإذا قيل شعر موزون فمعناه معدل بالعروض والتوفيق من الصواب إلا أنه اختصَّ بهذا الاسم ما اتفق وقوع الصواب عنده وليس ذلك جنساً بعينه وإنما لم يكن الموفق للطاعة إلا الله تعالى لأن أحداً لا يعلم ما يتفق عنده الطاعة من غير تعليم سواه سبحانه. والشقاق والمشاقة المباعدة بالعداوة إلى جانب المباينة وشقها، والفقه فهم الكلام على ما تضمنه من المعنى وقد صار علماً لضرب من علوم الدين وهو علم بمدلول الدلائل السمعية وأصول الدين علم بمدلول الدلائل العقلية، والرهط عشيرة الرجل وقومه وأصله الشد، والترهيط شدة الأكل ومنه الرهطاء جحر اليربوع لشدته وتوسيعه لينجي فيه ولده، والرجم الرمي بالحجارة والأعز الأقوى الأمنع، والأعز نقيض الأذل والظهري جعل الشيء وراء الظهر حتى ينساه. ويقال: لكل من لا يعبأ بأمر قد جعل فلان هذا الأمر بظهر قال:
تَمِيمَ بْنَ قَيْسٍ لا تَكُونَنَّ حاجَتي   بِظَهْــرٍ فَلا يَعْيــا عَلَـيَّ جَوابُها
الإعراب: أو أن نفعل موضع أن نصب على معنى أو تأمرك أن نترك أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء فهو معطوف على ما يعبد آباؤنا والتقدير أصلاتك تأمرك أن نترك عبادة آبائنا أو فعل ما نشاء في أموالنا ولا يجوز أن يكون قوله { أن نفعل } معطوفاً على قوله { أن نترك } لأن المعنى يصير فاسداً وأو هنا بمنزلتها في قولك جالس الحسن أو ابن سيرين وقولـه { إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما } ولم يقل به وموضع مَنْ في قوله { من يأتيه عذاب يخزيه } ومن هو كاذب له وجهان من الإعراب. أحدهما: أن يكون معلقاً بقولـه تعلمون فيكون استفهاماً وتقديره فسوف تعلمون من المخزي ومن الكاذب ويجوز أن يكون { من هو كاذب } على هذا بمعنى الذي هو كاذب ويكون معطوفاً على الهاء من يخزيه أي ويخزي الذي هو كاذب. والثاني: أن يكون من في قوله { من يأتيه } بمعنى الذي ويكون { من هو كاذب } عطفاً عليه وأدخلوا هو في قولـه { من هو كاذب } لأنهم لا يقولون من قائم ولا من قاعد وإنما يقولون من قام ومن يقوم ومن القائم ومن القاعد وقد ورد ذلك في الشعر قال الشاعر:

السابقالتالي
2 3 4 5