الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } * { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } * { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } * { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } * { قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }

القراءة: في الشواذ قراءة سعيد بن جبير والحسن بخلاف وعيسى الثقفي ومحمد بن مروان هن أطهر لكم بالنصب والقراءة المشهورة أطهرُ بالرفع وقراءة شيبة أو آوي بالنصب والقراءة العامة بالرفع وقرأ أهل الحجاز { فأسر بأهلك } وإن أسرِ موصولة الهمزة والباقون فأسر وأنْ أسر بقطع الهمزة العامة حيث كان وقرأ ابن كثير وأبو عمرو إلا امرأتك بالرفع والباقون بالنصب. الحجة: أما قولـه { هن أطهر لكم } فإن سيبويه ضعف هذه القراءة وقال فيها: اجتبى ابن مروان في لحنه قال ابن جني وإنما صحَّ ذلك عنده لأَنه ذهب إلى أنه جعل هن فصلاً وليست بين أحد الجزأين اللذين هما مبتدأ وخبر ونحو ذلك نحو ظننت زيداً هو خيراً منك وكان زيد هو العالم، ويجوز أن يكون بناتي هن جملة من مبتدأ وخبر في موضع الخبر لهؤلاء كقولك زيد أخوك هو وأن يكون أطهر حالاً من هن أو من بناتي والعامل فيه معنى الإِشارة كقولك هذا زيد هو قائماً ومن قرأ أو آوى بالنصب فيكون تقديره لو أن لي بكم قوة أو آوياً إلى ركن شديد ويكون منتصباً بإضمار ان وعليه بيت الكتاب:
فَلَوْلا رِجالٌ مِنْ كِرامٍ أَعِزَّةٍ   وَآلُ سَبيعٍ أَوْ أَسْوأَكَ عَلْقَما
والتقدير أو أنْ أسوؤك فكأنه قال: أو إياك مسألتي ومن قرأ { فأسر بأهلك } بإثبات الهمزة في اللفظ أو بغير الهمزة فإن سرى وأسرى معناهما سار ليلاً قال النابغة:
أَسَرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوزاءِ سارِيَةٌ   تُزْجِــي الشِّمالُ عَلَيْهِ جامِدَ الْبَرَدِ
ويروى سرت وقال امرؤ القيس:
سَرَيْتُ بِهْم حَتَّـى تَكِـلَّ مَطِيُّهُم   وَحَتَّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بِأَرْسانِ
وقال سبحانه:سبحان الذي أسرى بعبده } [الإسراء: 1] ومن قرأ إلا امرأتك نصباً فإنه جعل الكلام قبله مستقلاً بنفسه فنصب مع النفي كما ينصب مع الإيجاب والوجه الأَقيس الرفع على البدل من أحد لأَن معنى ما أتاني أحد إلا زيد ما أتاني إلا زيد فكما اتفقوا في ما أتاني إلا زيد على الرفع وكان ما أتاني أحد إلا زيد بمنزلته وبمعناه اختاروا الرفع مع ذكر أحد ومما يقوّي ذلك أنهم في الكلام وأكثر الاستعمال يقولون: ما جاءني إلا امرأة فيذكرون حملاً على المعنى ولا يكادون يؤمنون ذلك إلا في الشعر كما في قول الشاعر:
فَما بَقَيَتْ إلاّ الْضُّلُوعُ الجَراشِعُ   
وقول ذي الرمة:
وما بقيت إلا النحيرة والأَلواح والعَصَبُ   
وزعموا أن في حرف عبد الله أو أبي فأسير بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك وليس فيه ولا يلتفت منكم أحد وهذا يقوي قول من نصب. اللغة: أصل سيىء بهم سويء بهم من السوء فأسكنت الواو ونقلت كسرتها إلى السين ويقال سؤته فسيء كما يقال شغلته فشغل وسررته فسرَّ والفرق بين السوء والقبيح أن السوء ما يظهر مكروهه لصاحبه والقبيح ما ليس للقادر عليه أن يفعله.

السابقالتالي
2 3 4 5 6