الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } * { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } * { وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } * { قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } * { قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ } * { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } * { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } * { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ }

القراءة: قرأ حمزة والكسائي قال: سِلْم بكسر السين وسكون اللام هنا وفي الذاريات وقرأ الباقون قال سَلام وقرأ يعقوبَ بالنصب ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم وقرأ الباقون يعقوبُ بالرفع وفي الشواذ قراءة الأَعمش وهذا بعلي شيخٌ بالرفع. الحجة: قال أبو علي: أخبر أبو إسحاق عن محمد بن يزيد قال: السلام أربعة أشياء: منها مصدر سلمت والسلام شجر قال " الإسلام وحرمل " والسلام جمع سلامة والسلام اسم من أسماء الله تعالى وقولـه { دار السلام } يحتمل أن يكون مضافة إلى الله تعظيماً لها ويحتمل أن يكون دار السلامة من العقاب فمن حصل فيها كان على خلاف من وصف بقولـهويأتيه الموت من كل مكان } [إبراهيم: 17] وأما انتصاب قوله { سلاماً } فلأَنه لم يحك شيئاً تكلَّموا به فيحكي كما يحكي الجمل ولكن هو معنى ما تكلّمت به الرسل كما أن القائل إذا قال لا إله إلا الله فقلت حقاً أو قلت إخلاصاً أعملت القول في المصدرين لأَنك ذكرت معنى ما قال ولم تحك نفس الكلام الذي هو جملة تحكي فكذلك نصب سلاماً في قولـه { قالوا سلاماً } لما كان معنى ما قيل ولم يكن نفس المقول بعينه فأما قوله { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً } قال سيبويه: زعم أبو الخطاب أن مثله يريد قولك سبحان الله الذي تفسيره براءة الله من السوء وقولك للرجل سلاماً تريد مسلماً منك لا ابتلي بشيء من أمرك فعلى هذا المعنى وجه ما في الآية قال وزعم أن قول أمية:
سَلامَكَ رَبَّنا في كُلِّ فَجْرِ   بَــرِيئاً مَا يُعَـيِّبُكَ الّذُمُومُ
على قولـه برائتك ربنا من كل سوء وأما قولـه قال { سلام } فسلام مرفوعَ لأنه من جملة الجملة المحكية والتقدير فيه سلام عليكم فحذف الخبر كما حذف من قوله { فصبر جميل } أي صبر جميل أمثل أو يكون المعنى أمري سلام وشأني سلام كما أن قوله { فصبر جميل } يصلح أن يكون المحذوف منه المبتدأ أو مثل ذلك قوله { فاصفح عنهم } وقل سلام على حذف المبتدأ الذي سلام خبره وأكثر ما يستعمل سلام بغير ألف ولام وذلك لأنه في معنى الدعاء فهو مثل قولهم خير بين يديك ولما كان في معنى المنصوب استجير فيه الابتداء بالنكرة فمن ذلك قولـه قال:سلام عليك سأستغفر لك ربي } [مريم: 47] وقالوالملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } [الرعد: 23، 24] وقالسلام على نوح في العالمين } [الصافات: 49]سلام على إبراهيم } [الصافات: 109]وسلام على عباده الذين اصطفى } [النمل: 59] وقد جاء بالأَلف واللام قال سبحانه:والسلام على من اتبع الهدى } [طه: 47]والسلام علي يوم ولدت } [مريم: 33] وزعم أبو الحسن أن في العرب من يقول سلام عليكم ومنهم من يقول السلام عليكم فالذين ألحقوا الأَلف واللام حملوه على المعهود والذين لم يلحقوه حملوه على غير المعهود وزعم أن منهم من يقول: سلام عليكم فلا ينوَّن وحمل ذلك على وجهين أحدهما: أنه حذف الزيادة من الكلمة كما يحذف الأَصل من نحو قولك لم يك ولا أدر ويوم يأت والآخر: أنه لما كثر استعمال هذه الكلمة وفيه الألف واللام حذفاً منه لكثرة الاستعمال كما حذفا من اللهم فقالوا:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7