الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } * { قَالُواْ يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـٰذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ } * { وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ } * { فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ } * { وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ }

القراءة: قرأ أهل المدينة غير إسماعيل والكسائي والبرجمي والشموني عن أبي بكر عن عاصم { ومن خزي يومئذ } بفتح الميم ههنا وعذاب يومئذ في المعارج والباقون بكسر الميم على الإضافة وقرأ حمزة وحفص عن عاصم ويعقوب إلا إن ثمود غير منون في جميع القرآن وقرأ الباقون ثموداً بالتنوين ههنا وفي الفرقان والعنكبوت والنجم لأنه مكتوب بالألف في هذه المواضع وأبو بكر عن عاصم يقرأ وثمود في والنجم بغير تنوين وينوّن الباقي وروى عنه البرجمي ومحمد بن غالب عن الأعشى في والنجم بالتنوين أيضاً وقرأ الكسائي وحده ألا بعداً لثمود بالجر والتنوين والباقون لثمودَ بفتح الدال. الحجة: قال أبو علي قوله: { ومن خزي يومئذٍ } يوم في قوله: { يومئذ } ظرف فتحت أو كسرت في المعنى إلا أنه اتسع فيه فجعل اسماً كما اتسع في قولـه:بل مكر الليل والنهار } [سبأ: 33] فأُضيف المكر إليهما وإنما هو فيهما فكذلك العذاب والخزي والفزع في قولـهمن فزع يومئذٍ } [النمل: 89] أضاف إلى اليوم والمعنى على أن ذلك كله في اليوم كما أن المكر في الليل والنهار يدلُّك على ذلك قوله: { ولعذاب الآخرة أخزى } وقوله:لا يحزنهم الفزع الأكبر } [الأنبياء: 103] وقولـه:ففزع من في السماوات ومن في الأرض } [النمل: 87] وقولـه:ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } [آل عمران: 192] وأما من كسر الميم من يومئذ فلأن يوماً اسم معرب فأضيف إليه ما أضيف من العذاب والخزي والفزع فانجر بالإضافة ولم يفتح اليوم فتبنيه لإضافته إلى المبني لأن المضاف منفصل من المضاف إليه ولا يلزمه الإضافة فلما لم يلزم الإضافة المضاف لم يلزم فيه البناء يدلُّك على ذلك أنك تقول ثوب خز ودار زيد فلا يجوز فيه إلا الإعراب وإن كان الاسمان جعلا بمعنى الحرف فلم يلزمها البناء كما يلزم ما لا ينفك منه معنى الحرف نحو أين وكيف ومتى فلما لم يبن المضاف للإضافة وإن كان قد عمل عمل الحرف من حيث كان غير لازم كذلك لم يبن يوم للإضافة إلى إذ لأن إضافته لم تلزم كما لم يبن المضاف وإن كان قد عمل في المضاف إليه بمعنى اللام أو بمعنى من لما لم تلزم الإضافة. وأما من فتح فقال من عذاب يومئذٍ { ومن خزي يومئذٍ } ففتح مع أنه في موضع جر فلأن المضاف يكتسي من المضاف إليه التعريف والتنكير ومعنى الاستفهام والجزاء في نحو غلام من تضرب وغلام من تضرب أضر به والنفي في نحو قولهم ما أخذت باب دار أحد فلما كان يكتسي من المضاف إليه هذه الأشياء اكتسى منه الإعراب والبناء أيضاً إذا كان المضاف من الأسماء الشائعة نحو يوم وحين ومثل ويشبه بهذا الشياع الأسماء الشائعة المبنية نحو أين وكيف ولو كان المضاف مخصوصاً نحو رجل وغلام لم يكتس منه البناء كما اكتسى منه الأسماء الشائعة فمما جاء من ذلك قوله:

السابقالتالي
2 3 4 5