الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } * { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } * { قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } * { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }

اللغة: الفطر الشق عن أمر الله كما ينفطر الورق عن الشجر ومنه فطر الله الخلق لأنه بمنزلة ما شق عنه فظهر. المدرار الدار الكثير المتتابع على قدر الحاجة إليه دون الزائد المفسد المضر ومفعال للمبالغة كقولهم معطار ومقدام واعتراك من قولهم عراه يعروه إذا أصابه قال الشاعر:
مــن القــوم يعــروه إجتــراء ومأثــم   
والفرق بين الإنظار والتأخير أن الإنظار إمهال لينظر صاحبه في أمره والتأخير خلاف التقديم والناصية قصاص الشعر وأصله الاتصال من قولهم مفازة تناصي مفازة إذا كانت الأخيرة متصلة بالأولى قال:
فــىء تناصيــهــا بــــلا دفـــئ   
وقال أبو النجم:
إنْ يُمْسِ رَأْسِي أشْمَطَ الْعَناصِي   كـــأَنَّمــا فَرَّقَـــهُ المُنـاصِــي
أي يجاذب ليتصل به في مرة. العنيد العاتي الطاغي عَنَد يُعند عنوداً إذا تجبَّر وعَنَد عن الأمر إذا حاد عنه فهو عاند وعنود. الإعراب: { أخاهم } نصب بتقدير أرسلنا كأنه قال وأرسلنا إلى عاد أخاهم وهوداً عطف بيان وعاد مصروف لأن المراد به الحي وقد يقصد به القبيلة فلا يصرف قال:
لَوْ شَهدَ عاد فِي زَمانِ عادِ   لابْتَــزَّها مبــارِكَ الْجِــلادِ
" غيره " من ضمَّ الراء حمل الصفة على الموضع ومن جره حمله على اللفظ قولـه أن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال صاحب كتاب كشف الجامع النحوي إنْ حرف لحقت نفي " نقول " فنفت جميع القول إلا قولاً واحداً وهو قولهم اعتراك بعض آلهتنا بسوء والتقدير ما نقول قولاً إلا هذه المقالة والفعل يدل على المصدر وعلى الظرف وعلى الحال ويجوز أن يذكر الفعل ثم يستثنى من مدلوله ما دلَّ عليه من المصادر والظروف والأحوال فنقول اعتراك مستثنى من المصدر الذي دلَّ عليه نقول كقولـه تعالى:أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى } [الصافت: 59] فنصب موتتنا على الاستثناء لأنه مستثنى من ضروب الموت الذي دلَّ عليه قولـه بميتين ومما جاء من ذلك في الظروف قوله:ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار } [يونس: 45] فساعة استثناء مما دلَّ عليه يلبثوا من الأوقات ومما جاء من ذلك في الحال قولـهضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلاّ بحبل من الله } [آل عمران: 112] التقدير ضربت عليهم الذلة في جميع الأحوال أينما ثقفوا إلا متمسكين بحبل أي بعهد من الله انتهى كلامه وقوله: { فإن تولوا } تقديره فإن تتولوا فحذف إحدى التائين لدلالة الكلام عليه وقولـه: { بعداً } لعاد منصوب على المصدر أي أبعدهم الله بعداً فوقع بعداً موقع إبعاد كما وقع نبات موقع إنبات في قوله:والله أنبتكم من الأرض نباتاً } [نوح: 17]. المعنى: ثم عطف سبحانه قصة هود على قصة نوح فقال: { وإلى عاد أخاهم هوداً } أراد أخاهم في النسب دون الدين { قال يا قوم اعبدوا الله } وحده وأطيعوه دون الأصنام { ما لكم من إله غيره } دخول من يفيد التعميم نفى أن يكون لهم معبود يستحق العبادة غير الله عزَّ اسمه { إن أنتم إلا مفترون } أي ما أنتم إلا كاذبون في قولكم إن الأصنام آلهة { يا قوم لا أسالكم عليه أجراً } أي لست أطلب منكم على دعائي لكم إلى عبادة الله جزاء { إن أجري إلا على الذي فطرني } أي ليس جزائي إلا على الله الذي خلقني { أفلا تعقلون } عني ما أقول لكم فتعلمون أن الأمر على ما أقوله.

السابقالتالي
2 3 4