الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }

اللغة: ضائق وضيق بمعنى واحد إلا أن ضائق ههنا أحسن لوجهين أحدهما: أنه عارض والآخر: أنه أشكل بقوله تارك والكنز المال المدفون سمي بذلك لاجتماعه وكل مجتمع من لحم وغيره مكتنز وصار في الشرع اسم ذمّ لكل مال لا يخرج منه حق الله تعالى من الزكاة وغيره وإن لم يكن مدفوناً، وافترى واختلق واخترق وخلق وخرص وخرق إذا كذب والاستجابة في الآية طلب الإجابة بالقصد إلى فعلها. ويقال استجاب وأجاب بمعنى واحد والفرق بين الإجابة والطاعة أن الطاعة موافقة الإرادة الجاذبة إلى الفعل برغبة أو رهبة والإجابة موافقة الداعي إلى الفعل من أجل أنه دعا به. الإعراب: { أن يقولوا } في موضع نصب بأنه مفعول له وتقديره كراهة أن يقولوا فحذف المضاف وقيل: إن يقولوا في موضع جرّ بدلاً من الهاء في قوله ضائق به صدرك { أم يقولون افتراه } أم هذه منقطعة ليست بالمعادلة وتقديره بل أيقولون افتراه وهو تقرير بصورة الاستفهام. النزول: روي عن ابن عباس أن رؤساء مكة من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد إن كنت رسولاً فحوّل لنا جبال مكة ذهباً أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوة فأنزل الله تعالى { فلعلّك تارك } الآية وروى العياشي بإسناده عن أبي عبد الله ع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي عليه السلام: " إني سألت ربي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل " فقال بعض القوم والله لصاع من تمر في شنّ بال أحب إلينا مما سأل محمدٌ ربَّه فهلاّ سأله ملكاً يعضده على عدوّه أو كنزاً يستعين به على فاقته فنزلت الآية. المعنى: ثم أمر سبحانه رسوله بالثبات على الأمر وحثَّه على حجاج القوم بما يقطع العذر فقال { فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك } أي ولعلك تارك بعض القرآن وهو ما فيه سبُّ آلهتهم ولا تبلغهم إياه دفعاً لشرّهم وخوفاً منهم { وضائق به صدرك } أي ولعلك يضيق صدرك مما يقولونه وبما يلحقك من أذاهم وتكذيبهم. وقيل: باقتراحاتهم { أن يقولوا } أي كراهة أن يقولوا أو مخافة أن يقولوا { لولا أنزل عليه كنز } من المال { أو جاء معه ملك } يشهد له فليس قولـه فلعلك على وجه الشك بل المراد به النهي عن ترك أداء الرسالة والحث على أدائها كما يقول أحدنا لغيره وقد علم من حاله أنه يطيعه ولا يعصيه ويدعوه غيره إلى عصيانه لعلك تترك بعض ما آمرك به لقول فلان وإنما يقول ذلك ليوئس من يدعوه إلى ترك أمره فمعناه لا تترك بعض ما يوحى إليك ولا يضق صدرك بسبب مقالتهم هذه.

السابقالتالي
2 3