الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ } * { وَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

القراءة: قرأ يُرجَع الأمر بضم الياء وفتح الجيم وكسرها نافع وحفص والباقون يرجع بفتح الياء وقرأ عما تعملون بالتاء هنا وفي آخر النمل أهل المدينة والشام ويعقوب وحفص والباقون بالياء. الحجة: من ضمَّ الياء من يرجع فلقولـه: { ثم ردُّوا } إلى الله مولاهم الحق والمعنى ردّ أمرهم إلى الله ومن فتح الياء فلقوله: { والأمر يومئذٍ لله } والمعنيان متقاربان ومن قرأ بالتاء في تعملون جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته وهو أعم فائدة ومن قرأ بالياء وجهه إلى من تقدم ذكره من الكفار وفيه ضرب من التهديد. اللغة: القصص الخبر عن الأمور بما يتلو بعضه بعضاً لأنه من قصه يقصه إذا اتبع أثره لأنه يتبع أثر من يخبر عنه والنبأ الخبر بما فيه عظيم الشأن يقولون لهذا الأمر نبأ والتثبيت تمكين إقامة الشيء من الثبوت يقال ثبته بتسكينه وثبته بتمكينه وثبته بالدلالة على ثبوته وثبته بالخبر عن وجوده والفؤاد القلب مأخوذ من المفتأد وهو المشوي قال:
كَأَنَّهُ خارجاً مِنْ جَنْبِ صَفْحَتِه   سَفُّـودُ شَــرْبٍ نَسُوهُ عِنْدَ مُفْتَأَدِ
والمكانة الطريقة التي يتمكن من العمل عليها وله مكانة عند السلطان أي جاه وقدر والانتظار طلب الإدراك لما يأتي من الأمر لأنه من النظر والفرق بين الانتظار والترجي أن الترجي للخير خاصة والانتظار في الخير والشر. الإعراب: { إلا من رحم ربك } قال الزجاج: هو استثناء على معنى لكن وتقديره لكن من رحم ربك فإنه غير مختلف وقوله: { لأملأن جهنَّم } جواب القسم وتقديره يميناً لأملأن كما تقول: حلفي لأضربنك وبدا لي لأضربك وكل فعل كان تأويله كتأويل بلغني أو قيل لي أو انتهى إلي فإنَّ اللام وإن يصلحان فيه فتقول بدا لي لأضربنك وبدا لي أن أضربك ولو قيل وتمت كلمة ربك أن يملأ جهنم كان صواباً { وكلا نقصُّ عليك } نصب على المصدر وتقديره وكل القصص نقص عليك. وقيل: إنه نصب على الحال فقدم الحال قبل العامل كما تقول كلا ضربت القوم ويجوز أن يكون نصباً على أنه مفعول به وتقديره وكل الذي يحتاج إليه نقص عليك ويكون ما نثبت به فؤادك بدلاً منه قاله الزجاج وقولـه: { إنا عاملون } { إنا منتظرون } لو دخلت الفاء فقال فإنا لأفاد أن الثاني لأجل الأول وحيث لم يدخل لم يفد ذلك. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن كمال قدرته فقال: { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } أي على ملة واحدة ودين واحد فيكونون مسلمين صالحين عن قتادة وذلك بأن يلجئهم إلى الإسلام بأن يخلق في قلوبهم العلم بأنهم لو راموا غير ذلك لمنعوا منه لكن ذلك ينافي التكليف ويبطل الغرض بالتكليف لأن الغرض به استحقاق الثواب والإلجاء يمنع من استحقاق الثواب فلذلك لم يشأ الله ذلك ولكنه شاء أن يؤمنوا باختيارهم ليستحقُّوا الثواب.

السابقالتالي
2 3 4