الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } * { وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

القراءة: قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة وحفص وإنَّ كُلاًّ لمَا بتشديد النون والميم وقرأ أهل البصرة والكسائي وخلف وإِنَّ كُلاًّ بتشديد النون لَما بتخفيف الميم وقرأ نافع وابن كثير وإِنْ كُلاًّ خفيفة النون لَما خفيفة الميم وقرأ أبو بكر عن عاصم وإن كلا خفيفة النون لَمّا مشددة الميم وفي الشواذ قراءة الزهري وسليمان بن أرقم لمَّا بالتنوين وقراءة ابن مسعود وإن كلُّ بالرفع إلا ليوفينهم. الحجة: قال أبو علي من قرأ { وإنَّ كلا } لَما بتشديد إنَّ وتخفيف لما فوجهه بَيِّنٌ وهو أنه نصب كلا بأن وأن يقتضي أن يدخل على خبرها أو اسمها لام فدخلت هذه اللام وهي لام الابتداء على الخبر في قولـه { لما } وقد دخلت في الخبر لام الأخرى وهي التي تلقي بها القسم ويختص بالدخول على الفعل ويلزمها في أكثر الأمر إحدى النونين فلما اجتمعت اللامان واتفقتا في تلقي القسم واتفقتا في اللفظ فصِّل بينهما بما كما فَصّلوا بين إن واللام فدخلت ما لهذا المعنى وإن كانت زائدة لتفصل كما جلبت النون وإن كانت زائدة في نحو وأما تَرَيِنَّ من البشر أحداً وكما صارت عوضاً من الفعل في قولهم إمَّا لا بالإمالة وفي قولـه:
أَبــا خُراشَةَ أَمّا أَنْت ذَا نَفَرٍ   فَإِنَّ قَوْمِيَ لَمْ يَأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ
ويلي هذا الوجه في البيان قول من خفف إنّ ونصب كلا وخفف لما قال سيبويه حدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول: إن عمراً لمنطلق قال: وأهل المدينة يقرؤون وإن كلا لما جميع لدينا محضرون يخففون وينصبون كما قالوا:
كَـــأَنْ ثَــدْيـيْــــهِ حـقَّـــــــانِ   
ووجه النصب بها مع التخفيف من القياس أن أن مشبهة في نصبها بالفعل والفعل يعمل محذوفاً كما يعمل غير محذوف وذلك في نحو لم يك زيد منطلقاً { فلا تك في مرية } وكذلك لا أدر فأما من خفف أن ونصب كلا وثقل لما فقراءته مشكلة وذلك أن إِنَّ نصب بها وإن كانت مخففة كانت بمنزلتها مثقلة ولما إذا شددت كانت بمنزلة إلا، وكذلك قراءة من شدَّد لما وثقل أن مشكلة وذلك أن إنَّ إذا ثقلت وإذا خففت ونصب بها فهي في معنى الثقيلة فكما لا يحسن تثقيل ان زيداً إلا منطلق كذلك لا يحسن تثقيل إن وتثقيل لما فأما مجيء لما في قولهم نشدتك الله لما فعلت وإلا فعلت فقال الخليل: الوجه لتفعلن كما تقول أقسمت عليك لتفعلن، وأما دخول إلا ولما فلأن المعنى الطلب فكأنه أراد ما أسألك إلا فعل كذا ولم يذكر حرف النفي في اللفظ وإن كان مراداً كما جاء في قولهم شرّاً هرَّ ذا ناب أي ما أهرَّه إلا شر وليس في الآية معنى نفي ولا طلب فإن قال قائل لمن ما فأدغم النون في الميم بعد ما قلبها ميماً فإن ذلك لا يسوغ ألا ترى أن الحرف المدغم إذا كان قبله ساكن نحو قول مالك لم يقو الإدغام فيه على أن يُحَرِّك الساكن الذي قبل الحرف المدغم فإذا لم يجز ذلك فيه وكان التغيير أسهل من الحذف فإن لا يجوز الحذف الذي هو أذهب في باب التغيير من تحرك الساكن أجرد على أن في هذه السورة ميمات اجتمعت في الإدغام أكثر مما كان يجتمع في لمن ما ولم يحذف منها شيء وذلك قوله

السابقالتالي
2 3 4