الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } * { يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } * { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }

القراءة: قرأ يعقوب وما يؤخره بالياء والباقون بالنون وقرأ يوم يأت بغير ياء ابن عامر وأهل عرفة غير الكسائي والباقون يأتي بإثبات الياء وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر سعدوا بضم السين والباقون سعدوا بالفتح. الحجة: من قرأ يؤخره بالياء فإنه ردَّه إلى قولـه أخذ ربك ومن قرأ بالنون فإنه ابتداء والياء في المعنى كالنون وقولـه { يوم يأت } قال الزجاج: الذي يختاره النحويون يوم يأتي وهذيل يحذف هذه الياءات كثيراً وقد حكى سيبويه والخليل أن العرب تقول لا أدر فتحذف الياء وتجتزئ بالكسرة إلا أنهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال قال أبو علي: من أثبت الياء في الوصل والوقف فهو القياس البين وأما من حذفها في الوقف إذا قال: يوم يأت فلأنها وان لم تكن في فاصلة امكن أن نشبهها بالفاصلة لأن هذه الياء تشبه الحركات المحذوفة في الوصل بدلالة أنهم حذفوها كما حذفوا الحركة فكما أن الحركة تحذف في الوقف فكذلك ما أشبهها من هذه الحروف كان في حكمها فأما من حذفها في الوصل والوقف فلأنه جعلها في الوصل والوقف بمنزلة ما استعمل محذوفاً مما لم يكن ينبغي في القياس أن يحذف نحو لم يكن ولا أدرى ومثله قول الشاعر:
كَفَّــاكَ كَــفٌّ لا تُبَــقّي دِرْهَمــا   جُوداً وأُخْرى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّما
حذف الياء من تعطي وليس هنا ما يوجب حذفها وأما قولـه { سعدوا } فقد قال أبو علي حكى سيبويه سعد يسعد سعادة فهو سعيد وينبغي أن يكون غير متعد كما أن خلافه الذي هو شقي كذلك وإذا كان كذلك كان ضم السين مشكلاً إلا أن يكون سمع فيه لغة خارجة عن القياس أو يكون من باب فعل وفعلته نحو غاص الماء وغصته وحزن وحزنته ولعلهم استشهدوا على ذلك بقولهم مسعود وأنه يدل على سعد ولا دلالة قاطعة في ذلك لأنه يجوز أن يكون مثل أجَنَّه الله فهو مجنون وأحبَّه فهو محبوب فالمفعول جاء في هذا على أنه حذفت الزيادة عنه كما حذف من اسم الفاعل في نحو قوله:وأرسلنا الرياح لواقح } [الحجر: 22] يعني: ملاقح فجاء على حذف الزيادة فعلى هذا يكون أصله أسعد فحذف الزائد ومن الحذف قول الشاعر:
يَخْرُجْنَ مِنْ أجَوازِ لَيْلٍ غَاضي   
يريد مُغْض. اللغة: الشقاء والشقاوة والشقوة بمعنى والياء في شقي منقلبة عن واو والسعادة ضد الشقاوة والزفير أول نهاق الحمار والشهيق آخر نهاقه قال رؤبة:
حَشْرَجَ في الجَوْفِ صَهِيلاً أَوْ شَهَقْ   حَتَّـى يُقـالَ ناهِــقٌ وَمـا نَهَــقْ
والزفير ترديد النفس مع الصوت من الحزن حتى تنتفخ الضلوع وأصل الزفير الشدة من قولهم للشديد الخلق مزفور والزفر الحمل على الظهر خاصة لشدته والزفر السيد لأنه يطيق حمل الشدائد وزفرت النار إذا سمع لها صوت من شدة توقدها والشهيق صوت فظيع يخرج من الجوف بمدّ النفس وأصله الطول المفرط من قولهم جبل شاهق والخلود الكون في الأمر أبداً والدوام البقاء أبداً ولهذا يوصف سبحانه بأنه دائم ولا يوصف بأنه خالد والجذ القطع يقال جذَّه يجذّه وجذَّ الله دابرهم قال النابغة:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7