الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } * { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } * { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ } * { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } * { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلآخِرَةِ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ }

اللغة: يقال: قدمت القوم أقدمهم قدماً إذا مشيت أمامهم واتبعوك، الأزهري: قَدَمَ يَقْدُم وتَقَدَّم وقَدَّمَ وأقْدَم واستقدم بمعنى والورد ورود الماء الذي يورد والإبل الواردة والجمع أوراد الإيراد إيجاب الورود في الماء أو ما يقوم مقامه قال الشاعر:
يرد المياه حضيرة ونفيضةٍ   وِرْدَ الْقَطاةِ إذا اسْمَــألَّ التُبَّعُ
وقال لبيد:
فَـــوَردنا قبْـــل فَرَّاط القَطا   إنّ مِنْ ورْدِي تغْلِيس النَّهلْ
وأصل الورود الاشراف على الدخول وليس بالدخول قال عنترة:
فَلَمّــا وَرَدْن المــاءَ زُرْقاً جمامه   وضَعْنَ عِصيَّ الحاضِرِ الْمُتَخيِّم
والرفد العون على الأمر. يقال: رفده يرْفدْه رفداً ورَفدا بفتح الراء وكسرها قال الزجاج: كل شيء جعلته عوناً لشيء أو اسندت به شيئاً فقد رفدته به يقال: عمدت الحائط وأسندته وأرفدته ورفدته بمعنى واحد. ويقال: رفده وأرفده إذا أعطاه والاسم الرفد لأن العطاء عون المعطي والحصيد بمعنى المحصود والحصد قطع الزرع من الأصل وهذا زمن الحصاد بفتح الحاء وكسرها. ويقال: حصدهم بالسيف إذا قتلهم وتتبيب من تبت يده أي خسرت قال جرير:
عِرابَةُ مِنْ بقِيَّةِ قَوْم لوط   ألا تبّــاً لِمــا فَعَلُــوا تِبـابا
والفرق بين العذاب والألم أن العذاب استمرار الألم وقال عبيد:
والمَرْءُ ما عاشَ في تَكْذِيب   طُـــولُ الحَيـــاةِ لَــهُ تَعْذِيبُ
المعنى: ثم عطف سبحانه قصة موسى ع على ما تقدَّم من قصص الأنبياء فقال { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } أي بحججنا ومعجزاتنا الدالة على نبوته { وسلطان مبين } أي وحجة ظاهرة مخلصة من تلبيس وتمويه على أتمّ ما يمكن فيه، والسلطان وإن كان في معنى الآيات فإنما عطفه عليها لأن الآيات حجج من وجه الاعتبار العظيم بها والسلطان حجة من جهة القوة العظيمة على المبطل وكل عالم له حجة يقهر بها شبهة من نازعه من أهل الباطل فله سلطان وقد. وقيل: إن سلطان الحجة أنفذ من سلطان المملكة، والسلطان متى كان محقّاً حجة وجب اتباعه وإذا كان بخلافه لا يجب اتباعه قال الزجاج: السلطان إنما سمي سلطاناً لأنه حجة الله في أرضه واشتقاقه من السليط الذي يستضاء به. { إلى فرعون وملاءه } أي قومه. وقيل: أشراف قومه الذين تملأ الصدور هيبتهم { فاتبعوا أمر فرعون } وتركوا أمر الله تعالى { وما أمر فرعون برشيد } أي مرشد ومعناه ما هو بهاد لهم إلى رشد ولا قائد إلى خير فأمر فرعون كان على ضدّ هذه الحال لأنه داع إلى الشرّ وصادّ عن الخير وفي هذا دلالة على أن لفظة الأمر مشتركة بين القول والفعل والمراد ها هنا وما فعل فرعون برشيد { يقدم قومه يوم القيامة } يعني أن فرعون يمشي بين يدي قومه يوم القيامة على قدميه حتى يهجم بهم على النار كما كان يقدمهم في الدنيا يدعوهم إلى طريق النار وإنما قال.

السابقالتالي
2 3