الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } * { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } * { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }

اللغة: الكوثر فوعل من الكثرة وهو الشيء الذي من شأنه الكثرة والكوثر الخير الكثير والإعطاء على وجهين إعطاء تمليك وإعطاء غير تمليك وإعطاء الكوثر إعطاء تمليك كإعطاء الأجر وأصله من عطا يعطو إذا تناول والشانىء المبغض والأبتر أصله من الحمار الأبتر وهو المقطوع الذنب وفي حديث زياد أنه خطب خطبته البتراء لأنه لم يحمد الله فيها ولم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم. الإعراب: وانحر مفعوله محذوف أي وانحر أضحيتك كما حذف لبيد من قوله:
وهُـمُ الْعَشِيـرَةُ أَنْ يُبطِّـىء حاسِـدٌ   
أي أن يبطأهم حاسد أي أن ينسبهم إلى البطوء وقوله إنّ شانئك هو الأبتر لا أنت هذا تقديره أي هو مبتور لا أنت لأن ذكرك مرفوع مهما ذُكرتُ ذُكرتَ معي وهو فصل والأبتر خبر أن. النزول: قيل نزلت السورة في العاص بن وائل السهمي وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا وأناس من صناديد قريش جلوس في المسجد فلما دخل العاص قالوا من الذي كنت تتحدث معه قال ذلك الأبتر وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من خديجة وكانوا يسمون من ليس له ابن ابتر فسمَّته قريش عند موت ابنه ابتر وصنبوراً عن ابن عباس. المعنى: خاطب سبحانه نبيَّه صلى الله عليه وسلم على وجه التعداد لنعمه عليه فقال { إنا أعطيناك الكوثر } اختلفوا في تفسير الكوثر فقيل هو نهر في الجنة عن عائشة وابن عمر قال ابن عباس: " لما نزلت { إنا أعطيناك الكوثر } صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقرأها على الناس فلما نزل قالوا يا رسول الله ما هذا الذي أعطاك الله قال: " نهر في الجنة أشد بياضاً من اللبن وأشد استقامة من القدح حافتاه قباب الدرّ والياقوت ترده طير خضر لها أعناق كأعناق البخت " قالوا يارسول الله ما أنعم تلك الطير قال: " أفلا أخبركم بأنعم منها " قالوا بلى قال: " من أكل الطائر وشرب الماء وفاز برضوان الله ". وروي عن أبي عبد الله ع أنه قال نهر في الجنة أعطاه الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم عوضاً من ابنه. وقيل: هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة عن عطاء و " قال أنس: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أظهرنا إذ أغفى إغفاء ثم رفع رأسه مبتسماً فقلت ما أضحكك يا رسول الله قال: " أنزلت عليَّ آنفاً سورة فقرأ سورة الكوثر " ثم قال: " أتدرون ما الكوثر " قلنا: الله ورسوله أعلم قال: " فإنه نهر وعدنيه عليه ربي خيراً كثيراً هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء فيختلج القرن منهم فأقول يا رب أنهم من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك "

السابقالتالي
2 3