الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } * { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } * { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } * { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } * { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } * { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } * { وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } * { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } * { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }

القراءة: في الشواذ قراءة أبي حياة فأثَّرن بتشديد الثاء وقراءة علي ع وقتادة وابن أبي ليلى فوسَّطن بتشديد السين. الحجة: قال ابن جني: فأثَّرن مثل أَبدَيْنَ وأَرَينَ نقعاً كما يؤثر الإنسان النقش وغيره مما يبديه للناظر وهو من التأثير فالهمزة فاء الفعل وأثرن بالتخفيف من الإثارة فالهمزة مزيدة وقوله فوسَّطن بالتشديد معناه ميَّزن به جمعاً أي جعلته شطرين قسمين وشقين ومعنى وسطنه بالتخفيف صرن في وسطه. اللغة: الضبح في الخيل الحمحمة عند العدو. وقيل: هو شدة النفس عند العدو وضبحت الخيل تضبح ضبحاً وضباحاً. وقيل: ضبح وضبع بمعنى وهو أن يمدَّ ضبعه في السير حتى لا يجد مزيداً وأورى القادح النار يوري إيراء إذا قدح قدحاً وتسمى تلك النار نار الحباحب لضعفها قال النابغة:
يَقُـدُّ السَّلُوقِيَّ الْمُضاعَفَ نَسْجُهُ   وَيُوقِدْنَ بِالصَّفاحِ نارَ الْحَباحِبِ
وهو اسم رجل كان بخيلاً وكانت ناره ضعيفة لئلا يراها الأضياف فضربوا المثل بناره وشبهوا نار الحوافر بها لقلتها والنقع الغبار يغوص فيه صاحبه كما يغوص في الماء والكنود الكفور ومنه الأرض الكنود وهي التي لا تنبت شيئاً والأصل فيه منع الحق والخير قال الأعشى:
أَحْدِثْ لَها تُحْدِثْ لِوَصْلِكَ إنَّها   كَنِــدٌ لِوَصْــلِ الزّائِـرِ الْمُعْتادِ
وقيل إنما سميت كندة لقطعها إياها. النزول: قيل: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى حيّ من كنانة فاستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري أحد النقباء فتأخر رجوعهم فقال المنافقون قتلوا جميعاً فأخبر الله تعالى عنها بقوله { والعاديات ضبحاً } عن مقاتل. وقيل: نزلت السورة لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً ع إلى ذات السلاسل فأوقع بهم وذلك بعد أن بعث عليهم مراراً غيره من الصحابة فرجع كل منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المروي عن أبي عبد الله ع في حديث طويل قال وسمّيت هذه الغزوة ذات السلاسل لأنه أسر منهم وقتل وسبى وشدّ أسراهم في الحبال مكتفين كأنهم في السلاسل ولما نزلت السورة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فصلى بهم الغداة وقرأ فيها والعاديات فلما فرغ من صلاته قال أصحابه هذه سورة لم نعرفها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم إن علياً ظفر بأعداء الله وبشَّرني بذلك جبرائيل ع في هذه الليلة " فقدم علي ع بعد أيام بالغنائم والأسارى. المعنى: { والعاديات ضبحاً } قيل هي الخيل في الغزو تعدو في سبيل الله عن ابن عباس وعطاء وعكرمة والحسن ومجاهد وقتادة والربيع قالوا أقسم الله بالخيل العادية لغزو الكفار وهي تضبح ضبحاً وضبحها صوت أجوافها إذا عَدَت ليس بصهيل ولا حمحمة ولكنه صوت نفس. وقيل: هي الإبل حين ذهبت إلى غزوة بدر تمدّ أعناقها في السير فهي تضبح أي تضبع روي ذلك عن علي ع وابن مسعود والسدي وروي أيضاً أنها إبل الحاج تعدو من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى قالت صفية بنت عبد المطلب:

السابقالتالي
2 3