الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } * { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }

القراءة: قد تقدم اختلاف القراء في كلمة وكلمات الوجه في ذلك. اللغة: الامتراء طلب الشك مع ظهور الدليل وهو من مري الضرع وهو مسحه ليدر فلا معنى لمسحه بعد دروره بالحليب. الإعراب: النون في قولـه { فلا تكونن } نون التأكيد وهي لا تدخل في غير الواجب لأنك لا تقول أنت تكونن ودخلت في القسم على هذا الوجه لأنه يطلب بالقسم التصديق وإنما بنى الفعل مع نون التأكيد لأنها ركبت مع الفعل على تقدير كلمتين كل واحدة مركبة مع الأخرى مع أن الأولى ساكنة واقتضت حركة بناء لالتقاء الساكنين، ولو جاءتهم كل آية قال الأخفش أنَّث كل لأنها مضافة إلى مؤنث ولفظة كل للمذكر والمؤنث سواء والرؤية في الآية رؤية العين لأنها تعدت إلى مفعول واحد والعذاب وإن كان أليماً وهو لا يصح أن يرى فإنه تُرى أسبابه فهو بمنزلة ما يرى. المعنى: ثم بيَّن سبحانه صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فقال: { فإن كنت في شك مما أنزلنا اليك فسئل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك } اختلف المفسرون في معناه على أقوال: أولها: قال الزجاج إن هذه الآية قد كثر سؤال الناس عنها وخوضهم فيها وفي السورة ما يدل على بيانها فإن الله سبحانه يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك الخطاب شامل للخلق فالمعنى فإن كنتم في شك فاسألوا والدليل عليه قوله في آخر السورة { يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم } الآية فأعلم الله سبحانه أن نبيه ع ليس في شك ومثل هذا قولـه:يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } [الطلاق: 1] فقال طلقتم والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وحده وهذا مذهب الحسن وابن عباس وأكثر أهل التأويل وروي عن الحسن وقتادة وسعيد بن جبير أنهم قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك ولم يسأل وهو المروي أيضاً عن أبي عبد الله ع. وثانيها: أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يشك وعلم الله سبحانه أنه غير شاك ولكن الكلام خرج مخرج التقرير والإفهام كما يقول القائل لعبده: إن كنت عبدي فأطعني ولأبيه إن كنت والدي فتعطف عليَّ ولولده إن كنت ابني فبرّني يريد بذلك المبالغة وربما خرجوا في المبالغة ما يستحيل كقولهم بكت السماء لموت فلان أي لو كان تبكي سماء على ميت لبكت عليه وكذلك ههنا يكون المعنى لو كنت ممن يشك فشككت فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك عن الفراء وغيره. وثالثها: أن المعنى فإن كنت أيها المخاطب أو أيها السامع في شك مما أنزلنا إليك على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيكون الخطاب لغيره.

السابقالتالي
2